الجمعة، 5 ديسمبر 2008

خادم تحت الطلب

عندما يحاول الانسان أن ينسى من حوله وصراعاتهم على السلطة والمراكز الأولى مريدا َ أن يقدم خدمته وامكانياته إلى رب المجد ذاته دون أدنى رغبة فى التقدير
فإنه غالبا ً ما يصطدم بالواقع الفعلى الغير نزيه فانه فى أغلب الأوقات يتحول إلى خادم تحت الطلب يطلبونه فى أوقات معينة يعثر فيها تواجد الخدام وعندما يعود الخدام إلى مواقعهم ينسى هو

خادم الشباب


( لعل هذه الصورة تعبر تعبيرا فعليا عن ذلك النموذج من خدام الشباب والذين لهم مظهر الحركة وهم جامدون فى الفكر والعمل )
وقف خادم الشباب فى نهاية الاجتماع ليناقش ويسأل الشباب عن الموضوعات التى يريدون أن يتم مناقشتها فى اجتماعهم . ولما لم يرد أى منهم فجعل يستحث الجميع على ابداء رأيه مؤكدا ً لهم أن جميع الاراء لها قيمتها وسيتم تنفيذها . هنا تسابق الجميع حتى الخجول منهم وغير المهتم فى عرض الموضوعات التى يودون أن يروها تطرح للمناقشة فى الاجتماع . وكان الخادم يستمع فى اهتمام بالغ حتى انتهى النقاش وشعر الجميع بالرضا عن اجتماعهم الذى يسعى لارضائهم وكانت آخر كلمات الخادم قبل الوقوف للصلاة مننساش يا شباب ناخد صورة قديس الشهر من على الباب عشان مطبوع على ضهرها برنامج الشهر الجاى كله

الجمعة، 14 نوفمبر 2008

سارق الملكوت رؤية نقدية


+ مقدمة :

- فيلم سارق الملكوت ... عمل درامى يتناول أحداث حقيقية حدثت فى العقد الخامس من هذا القرن .. بطلها هو شخصية معروفة على المستوى الكنسى ولكن ليس على نطاق واسع ... مجدى يسى ... صاحب الصورة الشهيرة والتى نشرتها جريدة الأهرام بتاريخ 4/11/1958 .. وهو فى طريقه إلى تنفيذ الحكم عليه بالاعدام شنقا ً ووجهه يرتسم عليه ابتسامة عريضة حيرت الكثيرين وكانت محل الجدل والبحث لفترة طويلة .

+ رؤية عامة عن الفيلم :

- يرسم صانعوا فيلم سارق الملكوت كعمل ثان بعد فيلم " الراهب الصامت " طريقا ً لكل الراغبين بعدهم فى انتاج عمل مماثل حيث عانينا منذ البدء فى انتاج تلك الأعمال والتى تتناول قصص حياة القديسين أقول أننا عانينا من ضحولة الإنتاج الفنى والذى يصل إلى حد الملل فى بعض الأعمال وذلك فيما يخص الكتابة والإخراج والتمثيل والمونتاج وجوانب أخرى .. ولكننا كنا نرضى بحالة الكفاف الفنى شاكرين الله على ما يُنتج من أعمال

- وما أقوله هنا ليس اهدارا ً لحق أولئك الرواد الذين أنتجوا أو مثلوا أعمالا ً سابقة ولكنه حقا ً يجب أن يقال فى حق أولئك المحدثين وهم جيل الشباب فى الكنيسة والذين يجب أن يتم رعايتهم رعاية مُثلى لإنتاج أعمال أخرى جيدة جدا ً مثل فيلم الراهب الصامت وفيلم سارق الملكوت

- فيلم سارق الملكوت ينجح ليس من الدقيقة الأولى ولكن من الثانية الأولى فى أن يسرقك من واقعك ويشدك إلى واقع الفيلم - وذلك مع النبضة الموسيقية الأولى وحتى قبل تقديم الفيلم والذى قدمه فى كلمات تلقائية روحية عميقة نيافة الأنبا سارافيم أسقف الإسماعيلية ويبدأ معك الفيلم فى بداية جميلة لم نتعود عليها فى الأعمال المسيحية السابقة وذلك قبل التتر ونزول أسماء الأبطال الممثلين والفنيين

– أحداث الفيلم جاءت متناسقة دون تطويل يشعرك بالملل ودون اقتضاب يفقدك الحدث ولعل من الأمور التى تحسب للفيلم أنه تناول القصة من منظور أرثوذكسى فيما يتعلق بالتركيز على نقطة الجهاد فى حياة بطل الفيلم من توبة واعتراف وصلاة وافخارستيا وكتاب مقدس وصوم .

- فيلم سارق الملكوت فى مجمله عمل جيد جدا ً وقد أضاف إلى كل العاملين به رصيدا ً يُحسب لهم . فى حين أن الفيلم أيضا ً يترك علامة بين الأفلام الدينية الأخرى والتى تم انتاجها فى الربع قرن الأخير وقد أثرى المكتبة الفنية القبطية .

+ رؤية تفصيلية لبعض عناصر الفيلم :

1- السيناريو والحوار – أ / هيثم سعد

+ ايجابيات :

1- الأماكن التى تم تصوير مشاهد الفيلم بها مناسبة للأحداث والفترة الزمنية لوقوع الأحداث الحقيقية وتم اختيارها بعناية وجاءت مقنعة للعين .

2- جُمل الحوار بين شخصيات الفيلم جاءت قصيرة بما يناسب مع التركيز على الحدث . وخدمت البناء الدرامى بشكل جيد . كذلك جاءت مناسبة للطبقة الاجتماعية الخارجة منها .

3- الحبكة الدرامية مقنعة وواضحة الى حد مقبول وكذلك البناء الدرامى للأحداث – وان كانت طريقة الفلاش باك لم تكن جديدة .

4- طريقة عرض الموضوع مع التركيز على الايجابيات فى حياة البطل وعدم التعرض للسلبيات جرأة تُحسب للكاتب – ( ولعلها بالأكثر لمشرف العمل – أبونا القس / يواقيم جرجس ) – كذلك عدم الخوض فى إضافة مشاهد من تلك النوعية التجارية – والتى يتم وضعها أحيانا ً فى الأعمال الدينية بغرض تسويق العمل ليرضى أغلب الأذواق .

+ سلبيات :

5- لم يعطى الكاتب فرصة لنفسه للخروج من حيز الأماكن المغلقة التى تم التصوير بها أكثر من مرات قلائل . وذلك حد من الاضافات والصور الجمالية التى من الممكن أن ترفع القيمة الفنية للعمل .
مثال : المشاهد التى تم عرضها فى خلال الترنيمة الثانية – قد رجعت من ضلالى – والتى تعبر عن مرحلة التوبة . كان من الممكن أن تكون أكثر انفتاحا ً من ذلك بما يعبر عن الراحة النفسية التى يشعر بها بطل العمل
وكذلك : تكرار نفس مشهد الصلاة لأبونا ميخائيل ابراهيم كان يمكن أن يكون بأكثر من مكان لكسر الملل .

6- قصر أحداث الفيلم والاعتماد على الترانيم فى تطويل مدة العرض .

7- ظهرت أحيانا ً فجوات فى التواصل بين شخصيات العمل
مثال : مشهد السجن عقب اعتراف البطل بالجرائم المتعدده والحكم عليه بالاعدام مع زميله وباقى اصدقائه بالمؤبد ساعتها لم تكن ردود مجدى مُقنعه – بما يمكنه التأثير على قضية الفيلم .

2- الموسيقى : أ / جورج نسيم

8- موسيقى الفيلم كانت من العوامل الأساسية فى نجاح العمل وكان عليها العبء الأكبر فى توصيل مشاعر الأبطال وبالأخص فى الفترات التى خلت من الحوار . كما جاءت مناسبة للأحداث منذ اللحظة الأولى وحتى الأخيرة .

3- الترنيم : أ / ماريان اسكندر ، أ / جورج نسيم

+ ايجابيات :

9- الثلاث ترانيم التى تم وضعها فى سياق احداث الفيلم - بكلماتها وألحانها – نجحت فى أن تكون جزءا ً من البناء الدرامى وليست دخيله عليه

10- جاءت أصوات المرنمين معبره عن الحالة الداخلية للبطل بشكل كبير وخصوصا ً الترنيمة الأولى ( أنا كنت فين ؟ ) والترنيمة الأخيرة ( عينك على ّ ) .

+ سلبيات :

11- جاءت الترنيمة الثانية ( قد رجعت من ضلالى ) بكلماتها الفصحى غير متوائمة مع الجو العام للفيلم بلغته العامية البسيطة ... وجاءت أيضا ً هزيلة التوزيع الصوتى بين المرنم والمرنمة – ففى حين نرى المرنم يعبر بصوته عن الحالة الداخلية للبطل – نرى المرنمة تضيف حليات صوتيه تُخرجنا من تلك الحالة بذلك التجويد الذى يجعلنا ننتقل معها إلى ترنيم صِرف .

4- الإضاءة : أ / سامى مختار

+ ايجابيات :

12- جاءت الاضاءة موائمة للحالة النفسية للأبطال ونجحت فى توصيل الفكر الداخلى لهم وخصوصا ً فى مشاهد السجن .

+ سلبيات :

13- بعض المشاهد لم تكن مقنعة الاضاءة
مثال : - مشهد الطريق إلى الاعدام – وهو محور الفيلم – بإضاءته العادية
- مشهد ظهور العذراء مريم – أم النور – وهو مشهد محورى أيضا ً وإضاءته المعتمه
- المشهد الأول فى داخل زنزانة الجحز وزاوية الاضاءة المركزة على وجه البطل وظله الواقع على زملائه من خلفه

5- المونتاج والمكساج : أ / سامى عزيز ، أ / مايكل عزت

+ ايجابيات :

14- المونتاج فى الفيلم كان من العوامل الأساسية أيضا ً فى نجاح العمل فقد نجح فى خلق ايقاع عام للفيلم يشد المشاهد بالاضافة إلى حرفية نقل المشاهد إلى ( الفلاش باك ) والعوده به .

15- المكساج : استخدام المؤثرات الصوتية بشكل جيد فى عملية نقل المشاهد وكذلك ترددات الصوت والتى تعبر عن الأفكار الداخلية للشخصية
+ سلبيات :

16- تكرار بعض المشاهد فى خلال الترنيم والتمثيل الحى .
17- عدم وضع المؤثر الصوتى فى بعض المشاهد - مثل المشهد الذى يطلب فيه البطل كوب الماء من وكيل النيابة فيرد عليه صديقه فى الفلاش باك .

18- حركة الكاميرا المفاجئة بعد نهاية مشهد صلاة البطل أثناء ترنيمة ( أنا كنت فين ) .

6- المكياج : أ / عمرو درويش

7- الديكور : أ / شحته

8- الملابس : أ / حماده عساكر

9- الصوت : أ / رومانى أمين

10- الدعاية والاعلان : أ / فادى ظريف

19- جميعها عناصر مميزة فى العمل متناغمة مع الفكرة الرئيسية وخدمت الفيلم كثيرا ً .

11- الإخراج : أ / ريمون ابراهيم

20- نجح المخرج فى العزف على أوتاره المختلفة - نص وممثلين وفنيين – ليخرج لنا عملا ً مميزا ً تستطيع العين أن تراه دون أن تتأذى بسقطات إخراجية . ونجح أيضا ً المخرج فى كسر الملل الذى سبق فأشرنا إليه ببعض الأعمال السابقة وتُحسب للمخرج فى هذا العمل كادراته المناسبة مع كاميراته المتحركة . وبلا شك فالمخرج هنا هو شريك بكل الايجابيات السابق الاشارة إليها . كما أنه يقع على عاتقه أيضا ً السلبيات السابق ذكرها . إذ أنه المايسترو الأول والأخير المسئول عن خروج العمل للنور .

+ نقاط غير مضيئة :

- بالرغم من أن العمل جيد جدا ً فهذا لا يمنع وجود بعض الأمور والتى كنا نتمنى أن تُراعى من أسرة الفيلم منها :

1- بند المجاملات والتنازلات :

- الفيلم من انتاج كنيسة السيدة العذراء بالاسماعيلية وتحت رعاية نيافة الأنبا سارافيم اذن :

سؤال ( 1 ) : لماذا تم وضع أسماء السادة الممثلين ( عماد الراهب وجميل وعزيز ) كأبطال للعمل فى بداية التتر وعلى أفيش الفيلم فى حين أن البطولة جماعية ؟
وكذلك لماذا تم تمييز بعض ممثلى الفيلم مثل : فى دور العذراء مريم ( فلانه ) ؟
ولماذا لم يكن هناك ترتيب ما يستطيع المشاهد أن يتبعه فى خلال التتر ونزول الأسماء فهل هو ترتيب أبجدى أم ترتيب مجاملات أم ماذا ؟ ( فقط تتر طويل لا يتناسب مع مدة عرض الفيلم ودون شكل جمالى )
فى الواقع لم يكن هناك ضرورة لكل تلك الأمور وكان يمكن الاستعاضة عن كل ذلك بالاستمرار فى وضع اسم الممثل ودورة على الشاشة بالاضافة إلى صورته على نفس النسق السابق - ولمجاملة السادة الممثلين المعروفين كان من الممكن أن يتم ( بَروزة ) كل منهم بأى طريقة أخرى معروفة أو مبتكرة مثل :
" مع الحضور المميز لنجم الأفلام الدينية ( فلان ) فى دور ...... "
" نال بركة دور ...... النجم ( فلان ) " ...... الخ

سؤال ( 2 ) : ما الداعى لتطويل مشاهد السادة الممثلين ( عماد الراهب ودولت حامد وجميل عزيز ) ؟
- فى الحقيقة أنا لم أدرك من هو بطل الأحداث هل هو مجدى يسى أم هو أبونا ميخائيل ابراهيم ؟ واذا كان هذا التطويل بغرض خدمة البناء الدرامى بالتفاصيل التى تُثريه لماذا مثلا ً لم يتم ذكر دور ( بابا صادق ) فى قصة توبة مجدى يسى ؟
- وكذلك مشاهد الأم بجوها الكئيب والتى تهدم فكرة التوبة وأنها فرح وتحرر وانطلاق . هل الغرض منها ابراز المعنى بالتضاد ؟ ولكن ذلك أيضا ً لا يبدو منطقيا ً فهذه الأسرة والتى خرجت أبناء أقوياء فى التوبة إلى هذا الحد من الصعب أن تكون جذورها مخللة هكذا . وفى الغالب تم وضع المشاهد تلك للمجاملة لا أكثر .

سؤال ( 3 ) : ما الغرض من وضع اعلانات تجارية على أفيش الفيلم وكذلك فى داخل الفيلم ( تتر النهاية ) ؟
- هل من منطلق ( إللى معاه قرش يساوى قرش ) ؟ فى العموم الأمر غير طبيعى ولم يسبق أن حدث فى الأعمال السابقة - وإن كانت شركات الانتاج المتخصصة فى مجال الانتاج الكنسى تضع اسمها وشعارها وتضع أسماء الذين قاموا بالصرف على الفيلم حسب كمية الأموال المدفوعة داخل وخارج الفيلم حتى ليصبح المشاهد قد حفظ هذه الأسماء قبل حتى أن يعرف اسم الفيلم الذى سيشاهده إلا أنه لا يمكن اللوم على تلك الشركات فهى فى البداية والنهاية هدفها الأول الربح المادى ثم بعد ذلك يأتى أى شىء آخر وهذا ما تدل عليه الأمور السابق الاشارة لها – أما فى حالتنا هذه فالمنتج هو كنيسة تحت لواء المطرانية أى الهدف الأول هنا هو ربح النفوس
- فى الحقيقة إن من قاموا بالعمل فى الفيلم ومن ساهموا فى العمل بأى شكل ما هم الأحق بأن يُذكر أسمائهم .

2- بند المشاهد الضعيفة فنيا ً :

1- مشهد الصلاة على المذبح الخاص بالاستاذ / عماد الراهب وهو يقوم بتمثيل دور الأب القمص / ميخائيل ابراهيم ( صلاة الصلح ) التى يكررها الكاهن فى كل القداس
+ هل من المنطقى أن تكون غير محفوظة بالنسبة إليه وينظر إلى الخولاجى لأكثر من خمس مرات فى حوالى خمس جُمل

2- مشهد ظهور السيدة العذراء ( أم النور ) لمجدى فى السجن فى المرة الأولى وهو من أهم المشاهد المحورية فى القصة
+ هل من المنطقى أن ( أم النور ) تظهر هكذا بدون أية ظواهر روحية مصاحبة أين المؤثرات البصرية و السمعية
- وقد كان من الأفضل أن يتم الأمر كحلم حسب نص القصة أو أن يتم بين اليقظة والحلم . مع ضوء كثير يتوارى خلفه ملامح هادئة وكلمات رنانة – وليس كما رأينا - ظهور ساذج وملابس غير مناسبة ودخول غير مقنع وخروج ورد فعل غير منطقى

3- مشهد الظهور الروحى فى القداس لأبونا ميخائيل ابراهيم – لم تكن العذراء كان ملاك الرب – كان هذا المفروض أن يتم حسب الرواية وليس ما رأيناه والكلمات الغريبة النطق التى سمعناها .

4- بعض المشاهد التى كان يتم فيها ذكر أسماء المتهمين وخصوصا ً فى الحكم النهائى داخل المحكمة وما حواها من قصور كبير أثّر على الأحداث

5- مشهدى المناحة التى قدمها كلا من الاب والام والاخت ويليهم مجدى – هذين المشهدين – بترنيمتهم ( يا محبا ً مات عن جنس البشر ) لم يكن من المفروض وضعهم بهذه الكيفية فى هذا التوقيت من العمل إذ لم يخدما الدراما فى شىء بل بالعكس أوقفوا تصاعد الأحداث بعد المشهد الجميل لمجدى منفردا ُ داخل الزنزانة ولحنه المعبر ( اذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك ) والذى كان من المفروض أن يسلمنا بتلقائية للمشهد التالى دون أن يُزج بنا فى مشاعر سلبية أخرجتنا من الجو العام للفكرة .

3- بند الأخطاء الجوهرية :

1- لعل الخطأ الجوهرى الأوحد فى فيلم سارق الملكوت هو عدم توثيق الحدث لدى المشاهد ( أى عدم ذكر أن الأحداث مبنية على أحداث واقعية ) فلم يقدم الفيلم شىء يدل على أننا نشاهد قصة واقعية إلا ّ فى خلال التنوية البسيط الذى ذكره نيافة الانبا سارافيم ضمنا ً فى كلمته فى بداية العمل
- وكان من الواجب التركيز على تلك المسألة لمعالجة المشاهد السابق التنويه عنها فى البند 4 والخاصة بذكر اسم صديق مجدى – ابو بكر – والذى تم اعدامه مع مجدى .

+ نقاط مضيئة فى الفيلم :

1- موهبة فنية جميلة قادرة على التعبير وتوصيل الفكر الداخلى للشخصية ببراعة حتى من خلال نظرات العين التى يمكنك أن تقرأ فيها ما يدور فى قلب وفكر الشخصية – جينا شارل

2- نجم لم يأخذ فرصته حتى الآن – بيتر سيف

3- فنان يؤدى جميع الادوار بحرفية – شادى رمسيس

4- أداء رائع وعفوى جدا ً لدور خادم الشباب ومشهد واقعى ممتاز للافتقاد – جورج منير

5- موهبة جميلة نبتت وتحتاج لرعاية ومتابعة – الطفل كيرلس وائل

6- ادوار ثانوية ومتميزة وتترك معك انطباع جيد نحو موهبة اولئك المؤدين لتلك الادوار :
أ- الأب الكاهن – وائل وديع
ب – وكيل النيابة – سامح صبحى
ج – أخت مجدى فى سن الطفولة - ؟
د- آخرين

7- الاداء المتميز خفيف الظل لكل من الصول سمير وزميله رجب وقدرى صاحب الشخصية ذات الابعاد .

8- الأداء المتميز لدور مجدى يسى والذى عشنا معه طوال أحداث العمل فى أداء فنى بارع يصل إلى حد الابداع فى بعض المشاهد وخصوصا ً مشهد الطريق إلى الاعدام والذى زين تاج أداء الدور بأغلى جوهرة – أشرف فاروق

+ خاتمــة :

- فيلم سارق الملكوت يحتاج أن نتكلم عنه أضعاف تلك الكلمات المسطورة هنا
- ولكنى هنا أود أن أؤكد على أن تلك الكلمات التى قيلت ما هى إلا ّ مجرد رؤية نقدية شخصية وقد يتفق معها البعض وقد يختلف معها الآخر
- فى الختام أهدى أجمل باقة من أجمل الزهورالعطرة لكل من :
+ كنيسة السيدة العذراء مريم بالاسماعيلية
+ نيافة الحبر الجليل الأنبا سارافيم أسقف الاسماعيلية
+ الأب الحبيب القس يواقيم جرجس
+ كل المشاركين فى هذا العمل
- على ما قدموه لنا من سعادة بمشاهدة هذا العمل الرائع " سارق الملكوت " وإلى الامام دائما ً من أجل تقديم أعمال أخرى تمجد اسم السيد المسيح الذى له كل المجد إلى الأبد آمين

الجمعة، 31 أكتوبر 2008

أنا وأمى العدرا

( حوار باللغة العامية بين نفس انسانية ووالدة الاله)
أنا : أمى يا عدرا . يا نور العيون . يا أم الإله . يا فخر العذاري . بقلبى يا أمى . بنده عليكى . بجرى عليكى . والشوق ملينى . مع الملاك المبشر . بهديكى يا أمى سلام.

أمى العدرا : سلام ونعمة . من ربي وإلهى . يسوع المسيح .

أنا : ياااه يا أمى . مشتاق من زمان . أسمع لصوتك . يرن فى حنان . كيفك يا أمى . يا نور الزمان .

أمى العدرا : عايشة فى مجد . ابنى وربى . يسوع الحنّان .

أنا : فاكرانى ياأمه . ولاّ نسيتى .

أمى العدرا : طبعاً يا ابنى . فاكره إللى كان .

أنا : عايش يا أمى . فى حزن وآلام . الدنيا داقت علىّ . ونسيت حضن الحنان . رحت بعيد أدوّر . تايه أسأل بالدموع . فين طريق الرجوع ؟

أمى العدرا : نسيت يسوع . ربك حبيبك . يوم ما قالك . إنه الطريق .

أنا : ما نسيتشى يا أمه . لكن . صعب الطريق .

أمى العدرا : وصعوبته إيه ؟ . يا ابن المسيح .

أنا : هموم كتيرة . أفراح مفيش . ودموع كتيرة . والضهر مال .

أمى العدرا : هم العالم يا ابنى . يحنى ضهور الجبال . بس لو فيه يسوع . هو شيّال الأحمال . ولاّ نسيت كلامه . يوم ما قال . تعالى بهموم تقال . تلاقى راحة وأمان .

أنا : خايف ياأمى أجيله . دا الذنب عندى كتير . والحب عندى قليل .

أمى العدرا : الله محبه . والحب طبعه . يغفر يسامح . كتير قليل .

أنا : التوبة صعبة . مش عارف أعود .

أمى العدرا : حِبّه تلاقى . الصعب يهون .

أنا : مشاكلى واقفه ما بينّا . سد بينى وبينه . مش عارف أعدى . منها وأجيله .

أمى العدرا : أصرخ ونادى . تلقاه بنفسه . هو إللى جالك . بص له هو ّ. مش للمشاكل . تلقى السلام يملا حياتك .

أنا : فاكره يا أمى . أيام زمان . كنت عايش . مع ربى فى سلام .

أمى العدرا : بتوبة صادقة . يرجع ليك . كل إللى كان .

أنا : وأنتى يا أمى .

أمى العدرا : واقفة بشفع . فيك تملى . قدام عرش . ربى وابنى . يسوع الحبيب .

أنا : العالم يا أمى . صعب ومرير . رغم الآلام . عليه بطير .

أمى العدرا : حَوّل عينك . بص لإلهك . تلقى محبة . ملهاش حدود .

أنا : مناظر شهية . للعين بهية . والعين يا أمى . مش عارفة تتوب .

أمى العدرا : بص لمسيحك . فوق الصليب . وأطلب بحرقه . العين تتوب .

أنا : بحب دايماَ أمى . المدح فىّ . والمناصب ويا الكرامة . والكل لىّ .

أمى العدرا : ربك حبيبك . ساب مُلك السما . شاف عشانك . ذل وعار .

أنا : شهوة وشهوة . وشهوات قوية .

أمى العدرا : الموت يا ابنى . نهاية الخطية .

أنا : لسه العمر بدرى . وإحنا فى سن الشباب .

أمى العدرا : الرب واقف . بيخبط على الباب .

أنا : أقضى بس شوية مصالح . يومها أرجع لربى وأصالح .

أمى العدرا : المصالح مبينتهوش . والعمر متضمنوش .

أنا : بس النهاردة . وبكرة أتوب .

أمى العدرا : فى الليلة دىّ . تطلب النفس منك . إدى حساب الوكالة .

أنا : حاضر يا أمى .أنا قمت أتوب . هرجع وأصلى . اعترف وأتناول . تايب ونادم . سامح ياربى ضعفى. و إنتى يا أمى صلى .

أمى العدرا : هشفع تملى . قدام إلهى . هقوله يا ابنى سامح . اغفر تملىّ . إدى فرص . خليك ياربى طويل الأناة . وإنت وقت الضعف صلىّ . اصرخ تلاقى الحب يملا . كل الكيان ... ربى يملاك سلام ... سلام يا ابنى ... من ربى ... سلام .

الخميس، 30 أكتوبر 2008

ظروف .. مش ظروف


سألته عن سبب انقطاعه عن الخدمة بالكنيسة ؟
أجابنى فى هدوء .. ظروف .. وعندما انتظرت المزيد أضاف .. مشاغل ..
ولكنى لم أقتنع باجابته ؛ فنبره الصوت هذه لا تنم عن ظروف أو مشاغل وانما تتذوق فيها طعم المرارة بكل وضوح
أيقنت ساعتها أن الأمر ليس تقصيرا ً منه بقدر ما هو تأثيرا ً عليه
ساعتها ارتسمت أمامى بعض المواقف التى كنت أراها ولا أفهمها
وتأكدت أن هناك خلل ما.. يحتاج لعلاج . . .

بين الله والناس



مازال الإنسان يقف أمام نفسه متساءلا ً .. لماذا أعيش مع الله ؟ . وهل وجود الله فى حياتى يعطى اختلاف ؟ لعل الكثيرين يسألون ماذا بيننا وبين الله ؟ ماذا بين الإنسان والله ؟ وها نحن نقول ..

(1) بين الله والناس قصة . بدأت أحداثها قبل أن يخلق الله الانسان . قصة بدأت بمحبة الله للإنسان قبل أن يخلقه . حتى أن الله قال نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا . قصة فيها أنعم الله على الإنسان بصورة وشبه إله . هبة عظيمة من إله قدوس . متحنن . قصة وضع الله فيها الإنسان الذى خلقه فى جنة . بها كل ما يتمنى .. قصة أحداثها درامية . عندما خالف الإنسان وصية الخالق .. ورفض أن يحيا فى طهارة . وأختار العصيان .. وانتهت القصة أو هكذا تصور الشيطان .. ولكن الله بدأ فصول القصة من جديد .

(2) بين الله والإنسان وعود فالله ليس مثل الإنسان .. ووعود الله صادقة فالانسان خالف وأخطأ وسقط فى العصيان والله بالحب وعد بالخلاص .. وقال أن نسل المرأة يسحق رأس الحية ... وعد عاشه الإنسان بعد السقوط وقبل الفداء فنسل المرأة هو الإله الإبن الكلمة المتجسد الذى صُلب وفدا الإنسان وسحق رأس الحية القديمة الذى هو الشيطان .. وعد الله تحقق بالصليب .. كخطوة أولى من جانب الله ليتمكن الإنسان من الوصول إلى الملكوت ... والآن جاء دور الإنسان . فبوعود الله .. يرث الإنسان ما كان قد ضاع منه .

(3) بين الله والإنسان دموع – دموع يذرفها خاطى نادم على خطيته .. يريد أن يسامحه الله على ما بدر منه من خطية – دموع يحفظها الله فى زق .. وبها ينسى خطية الإنسان .. لأنه اعترف بها نادما ً بالدموع – دموع يسكبها الله على الخاطى الشارد من لا يريد الرجوع – دموع على قتلى الخطية التى قتلت كثيرين وكل قتلاها أقوياء بذواتهم المرتفعة – دموع تنسكب من كل مجاهد حقيقى يصلى عن كل الخطاة وعن كل العالم وما فيه .

(4) بين الله والإنسان تحذير . تحذير من السقوط فى الخطية وتحذير من الاستمرار فيها والحنين إليها بعد تركها فالله ينبه الإنسان فى محبته إلى طريق أحيانا ً لا يكون رجوع منها .. المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة خذوا لنا الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم إنتبه أيها الحبيب فالله يحذر اسمع المحاذير واتبع خطى الفادى ولتجعل تحذير الله لك ذا فائدة لا من أجل العناد والتعدى .

(5) بين الله والإنسان تبرير ليس برا ً ذاتيا ً بين الله والإنسان ولكن تبرير من الخطية بالصليب والاعتراف فلا تقف أمام الله مبررا ً من ذاتك لكن قف مدانا ً مخطئا ً واطلب التبرير .. بين الله والإنسان تبرير يملكه الله ويهبه للإنسان .. وليس الانسان حق ملكية ما يعطيه الله ..

(6) بين الله والانسان وعد ووعيد اذا ما تبعت الله فى الخير وعدك الله بالملكوت واذا ما أردت أن تتبع الساقط إبليس فالوعد يتحول إلى وعيد .. فهناك النار المعدة لإبليس وأتباعه .. نار لا تطفأ ودود لا يموت وليس فى الأمر إفتراء وانتهاك لحرية الانسان أو حقوقه .. فالجزاء من نفس جنس العمل وما يزرعه الانسان اياه يحصد واذا الله هو البعل اتبعوه .. حتى النهاية وأما أنا وبيتى فنعبد الرب .. حتى النهاية .

(7) بين الله والانسان خطية . خطية ارتكبها الانسان ودفع ثمنها الله .. خطية تُحزن قلب الله وتخدع الانسان .. خطية كل من قتلت كان قويا ً خطية محاها الله بدمه الطاهر وعاد وارتكبهاالانسان خطية يغفرها الله فى التوبة والإعتراف ويسعى نحوها بكل شوق الانسان .

(8) بين الله والانسان هبات وخيرات –هبات وخيرات أعطاها الله للانسان منحة مجانية . بدون مقابل وأما الانسان فبدلا ً من أن يشكر .. تذمر وبدلا ً من أن يسعى لتنمية وزناته طمرها فى الأرض .. –هبات وخيرات إذا ما أحصاها الانسان العادى وجد ألف سبب لكى يشكر الله بدلا ً من أن يقول .. ماذا أملك –هبات منحها الله للأبراروللأشرار هبات إذا ما نظرها الشرير عرف أن الله ما زال يحبه ويريده – هبات وخيرات إذا ما أعطاها صغير النفس بعض الاهتمام .. تعظم فى الايمان بالله وبنفسه .

(9) بين الله ولانسان دم مسفوك –دم إبن الله الكلمة الذى به كان الغفران .. وبدون سفك دمه لا غفران – دم أرقناه سفكناه قديما ً على أيدى اليهود مخالفى الناموس .. ومازلنا نهدره أرضا ً بأعمالنا الشريرة – دم يعطيه لنا الله فى سر التناول غفرانا ً للخطية وحياة أبدية لمن يتناول منه – دم الانسان المخالف لوصايا الله الذى يدفع ثمنه إله مصلوب مسفوك الدماء الذكية .

(10) بين الله والانسان مشاعر وأحاسيس – مشاعر حب بها قبل الله أن يخلص الانسان من العقوبة – مشاعر وأحاسيس إذا ما أدركتها لن تفوت فرصة التمتع بها – مشاعر هدوء واطمئنان يعطيها الله لمن يعيشون معه – مشاعر سلام وإحساس فرح بوجود الانسان مع الله – مشاعر حزن واضطراب يعيشها الانسان بعيدا ً عن الله –مشاعر جميلة اذا لم تحياها حتى الآن فحاول إكتشافها وعيش حياتك مع الله إلهك .


بين الله والإنسان كل شىء فإنسان بدون الله لا شىء وبالله كل شىء بين الله والإنسان أشياء وأشياء لو كتبناها واحدة واحدة لا يسعفنا الوقت .. بين الله والإنسان إكتشف أنت بنفسك والله يرشدك والرب معك

السبت، 25 أكتوبر 2008

فرحة الشعب القبطى بعودة قداسة البابا 20 اكتوبر

























مذكرات خاطى يريد التوبة


يارب .. أين أنت ؟ فأنا لا أراك .. أين تمكث ؟ .. أين أجدك ؟ ..
هل أنت بعيد عنى ؟ .. هل أنت قريب منى ؟ .. أجب إلهى فأنا لا أسمعك ؟ ..
هل أنا من تركك ومضى بعيدا ً ؟ أم أنت من تخلي عنى ؟ ..
هل لو دعوتك ستلبى ؟ ... هل لو صرخت إليك ستأتى إلىّ لتنقذنى ؟ ..
مازلت أسأل يارب وأنت لا تجيب ... هل أسئلتى لا قيمة لها يارب عندك لذلك لا تجيب عنها ؟ أم أنا لا أسمع صوتك ..
هل مازلت يارب منقوشا ً فى كفك ؟ هل مازلت تدعونى لأرمى بحملى الثقيل عليك ؟ ..


أجبنى إلهى هل مازلت واقفا ً تقرع تنتظر منى أن أفتح باب قلبى لتدخله ؟ ..
هل يارب خلاصى يهمك ؟ هل أنت نادم يارب على أنك خلصتنى بموتك وقيامتك ؟ ..
سامحنى يا إلهى الحبيب على جهلى وعلى أسئلتى الغبية ... فأنا أعرف يارب حق المعرفة أنك فى كل مكان فى السماء وعلى الأرض ... أعرف يارب أنك مازلت قارعا ً باب قلبى .. أعرف أنك لا تنصرف عنى إلهى . ولكنى . أنا من يهرب منك بأعمال الظلمة التى أعملها .. أعرف يارب .. أعرف ملء المعرفة ولكنى مع ذلك أسأل .. أسأل من أجل تبكيت نفسى . إذ كيف أهمل خلاصا ً مقدارهذا ..


كيف أعرف أنا الإنسان الحقير أن الرب ينتظرنى وأمضى عنه منشغلا ً بأمور تافهة ؟ .. كيف أعرف أن الرب يتشوق للجلوس معى وأنا أفضل صحبة الأشرار من الأشخاص والأشياء . لماذا يارب تصبر علىّ ؟ لماذا يارب لا تهلكنى فى خطيتى ؟ هل ؟ هل إلى هذا الحد تحبنى ياربى ؟ وتصبر علىّ وتطول أناتك لسنوات وسنوات .. هل كل هذا من أجل توبتى ورجوعى إليك ؟ يارب إنى غير مستحق .. غير مستحق .. لا أقولها يارب من فمى .. ولكن أقولها عن ثقة فى نفسى .. فنفسى لا تستحق شيئا ً .. لأنها لم تلتصق بك بل فضلت حياة الخطية ...


يارب تعبت من نفسى .. تعبت من كثرة عهودى التى لا أنفذها .. تعبت من إستهتارى بطول أناتك أيها الإله العظيم ... يارب أنا غير مستحق لهذه الحياة التى وهبتنى إياها .. لقد خلقتنى يارب فى القداسة وأنا أسعى جاهدا ً لتدنيس نفسى فى الخطية .. خلقتنى فى عدم فساد وأنا أبحث عن الفساد .. خلقتنى حرا ً وأنا أحببت العبودية ... لماذا ؟ .. يارب أنا على هذه الشاكلة ؟ .. هل لأنك أنت إله رءوف متحنن طيب القلب ؟ تسامح وتعطى فرص للتوبة ؟ فلماذا إذا ً يارب لا أتذكر أنك أهلكت العالم قديما ً بالطوفان بسبب الخطية ؟ .. لماذا لا أتذكر يارب أنك أهلكت سدوم وعمورة بنار وكبريت من أجل خطيتهم ؟



لماذا أتذكرك رءوف حنان ولا أتذكرك منتقم ثائر على الشر ؟ لماذا يارب تبقينى على الأرض حتى الآن ؟ لماذا لم تفنينى ؟ لم ترى منى يارب شيئا ً صالحا ً .. فأنا منذ الطفولية تصور قلبى خاطىء مملوء بالشر .. إن وجودى حتى الآن يعطينى يارب أعظم يقين أنك مازلت تحبنى .. مازلت تريدنى مازلت تنتظر صحوتى من غفلة الموت .. مازلت تنتظر عودتى .. فهل سأعود ؟ ..

اقتلوا العقرب


هل جلست يوما ً أمام ساعتك .. ساعة حائط مكتب أو يد لا يهم .. المهم أن تفهم ما أريد أن أقوله .. لو لم تكن قد جلست بالفعل جلسة هادئة أمام ساعة لتفعل ذلك .. انظر إلى أقرب ساعة (غير رقمية) إليك لمدة دقيقتين أو ثلاثة متابعا ً لعقرب الثوانى.. ثم تعالى وأكمل هذا المقال .... …… ……..
هل توصلت الآن إلى فكرة المقال … أم لا .. نعم .. إن هذا العقرب الصغير الذى يدور بلا توقف .. يجرى بلا انقطاع .. يقفز بلا تعب إنه هو سارق لص كبير يسرقك نعم .. يسرق منك عمرك حياتك .. قد تقول لى ان هذا مبالغة ولكنى أقول لك بلا أدنى تردد ..لا .. لا مبالغة فى هذا الأمر .. صدقنى وأنت المستفيد إن الانسان يعرف كيف يتصرف بحكمة حيال الأمور الكبيرة .. وغالبا ً ما يهمل الأشياء الصغيرة .. وهذا ما حذرنا منه الكتاب المقدس . (خذوا لنا الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم) نعم فالثعلب الكبير سوف ترصده بسهولة وتتخلص منه أو تأخذ منه حذرك ولكن الصغير من الصعب اكتشافه .. وغالبا ً ما يكون اكتشافه بسبب ما يخلفه خلفه من خسائر .. لذلك أقول لك من الآن أيها الحبيب هيا واقتل هذا العقرب .. إنه يبدو ضعيفا ً .. ضئيلا ً .. لا تأخذ بالمظهر .. ولا تأخذك به الرحمة إنه سارق لص كبير يسرقك فلا تدعه يفعل ذلك بك وإلا أتاك بأباه الأكثر قوة (عقرب الدقائق) وجده السارق الأكبر (عقرب الساعات) عند ذلك سوف لا تقدر أن تحارب هذه العائلة بمفردك .. وأنت وحيد .. من الآن أقول لك عليك بالأصغر تنهزم عندئذ الأكبر اهتم بكل ثانية من حياتك ماذا قدمت وماذا تقدم وماذا ستقدم .. عند ذلك سوف تكون بالحق قد قتلت العقرب .

الأربعاء، 15 أكتوبر 2008

من المسئول ؟

تقابلت معه منذ عام وسألته عن أخباره مع إبنه فقال : إنه يسير على خير ما يرام على الطريق الذى رسمته له ..
وتقابلت معه أيضا ً منذ أيام وسألته نفس السؤال فقال لقد إحترت فى هذا الابن فهو لا يعرف كيف يفعل أى شىء دونى متى يعتمد على نفسه . وعندما ذكرته بكلامه السابق أجاب بيقين دا كان زمان .. دلوقتى المفروض يعتمد على نفسه ..

خد بالك من كلامك

الأم لإبنها الصغير 4 سنوات : لو لمست أخوك تانى هموتك (تقصد لو ضربته )
الابن الصغير : أهوه ثم يلمس أخاه . الأم تضحك .
الابن الصغير لنفسه : ماما كدابة منفذتش كلامها زى ما قالت .

معادلات روحية

انسان × العالم + فكر بشرى = خطية + تعب

دموع ÷ الخطية × تغيير = توبة حقيقية

كتاب مقدس × اليد = سلاح

الله × الإنسان = اكتفاء

رأى شاب

عندما سأله عن رأيه فى إجتماع الشباب الناجح رد فى طلاقة الشباب .. إن ما يؤدى إلى نجاح إجتماع الشباب ذلك الفناء الكبير للكنيسة فلولا هذا المكان لما تجمع الشباب والشابات معا ً عقب الاجتماعات يتبادلون الأحاديث .. ولولاه لما حضر معظمهم أيضا ً وظهر الاجتماع مليئا ً بهم وأثبت نجاحه .

مشروع قديس

عندما أسدل الليل ستائره السوداء الثقيلة جنبات القرية الصغيرة فى ليلة شديدة البرودة تجمع أفراد الأسرة الكبيرة والصغيرة حول حطب القطن المشتعل فى ذلك الماجور القديم يصطلون يستدفئون ولم يلحظ الجميع عدم وجود أصغر الأبناء والذى دخل إلى الغرفة الداخلية (الخزانة) لكى يصلى منفردا ً .

نصيحة

عندما حاول كأمين للخدمة أن يوجه نظرها إلى ضرورة عدم تكرار هذا التصرف مرة أخرى فوجىء بثورة عارمة . ورفض للنصيحة ثم انقطاع عن الخدمة تلا ذلك انقلاب بين الخدام ضد الناصح .. دون سماع الطرفين إما الاعتذار أو .... وكان ....

خدام ولكن

عندما تزايدت الأصوات ارتفاعا ً بين أطفال مدارس الأحد الصغار حاولت أن أعرف السبب فطفت ببصرى أرجاء المكان لأعرف سبب هذا الخلل ... فبدا واضحا ً كالشمس لقد كان الخدام كل منصرف إلى الحديث مع زميله أو زميلته .. وكان ما يحدث نتيجة طبيعية كرد فعل .

أب وابن

نظرت إلى عينيه المتوترة إلى ابتسامته الباهتة إلى تلك العضلة النافضة فى جبهته .. حاولت أن أعرف سبب ما اعتراه من شرود وتوتر ورحت أنظر صوب ناظريه ... كان القادم والده .. ورثيت لحاله .

أين الحقيقة ؟


لكى تجد الحقيقة يجب أولا ً أن تعرف ما هى هذه الحقيقة .. هذا هو المنطق فلكى تجد شيئا ً عليك أولا ً أن تعرف ما ستبحث عنه والحقيقة لكى تعرفها .. يجب أن تكون حقيقة حقيقية نعم لا تستغرب الأمر فالحقيقة أحيانا ً ما تكون غير حقيقية أو بمعنى أوضح قد تنقلب الحقيقة أو حتى قد يتم تزويرها .. كما يفعل أناس كثيرون لكى يحصلوا على ما لا يستحقون . لذا إذا أردت أن تعرف الحقيقة عليك أن تعرف قبلا ً ممن تأخذها . حتى تكون واثقا ً فى حقيقة هذه الحقيقة نعم .. فالحقيقة تستمد حقيقتها من صاحبها أو ممن يعطيها .. ولأننا كلنا دون استثناء .. بشر تحت الضعف نتأثر بالظروف والميول والأهواء والغرائز والأفكار والمشاعر كل حسب ما يتأثر به ولأن المثال الوحيد الذى لا يمكن أن يخطأ وحقيقتة دائما ً حقيقة حقيقية أقول لأن هذا المثال هو الله تبارك اسمه إذن فهذه دعوة صريحة إلى إتباع من هو الحقيقة والذى دعا نفسه الحق أى الحقيقة

السبت، 11 أكتوبر 2008

لماذا التجارب يارب ؟


وقفت لأسأل . لماذا التجارب يارب ؟ وقفت لأسأل فقط .. لأسأل دون إنتظار إجابة . فقط سؤال . لماذا أتجرب يارب . لماذا الألم فى حياتى لماذا الحرب الضروس مع ذلك العدو غير الشريف .. ألم تكن الحياة ممكنة بدون التجارب .. ألم تكن الحياة ممكنة دون ألم ونارالتجارب ..
ها أناأسأل دون توقع إجابة . ليس لأن الله لا يرد .. ولكن لأن الذى فى التجربة . أحيانا ً ما يغلق بابها على نفسه . فلا يصله رد الله على سؤاله
ولكنى هذه المرة . لن أدخل ذلك المكان الكئيب . ذلك الكهف المظلم الذى كثيرا ً ما كنت ألجأ إليه حالما تواجهنى التجارب .. سأجرب أن أسأل وأتوقع الرد هذه المرة أريد ردا ً .. فأين الرد ..وإنتظرت .. ثم نمت ..
وفى نومى رأيت الرد واضحا ً جليا ً . لايختلف عليه إثنان . رأيت فى الحلم ... يدا ً جميلة . كل ما أذكره عنها . ذاك الجرح الغائر .. رأيت هذه اليد وقد أمسكت بكتلة من الحجر . ذات ألوان متعددة .أمسكت اليد بتلك الكتلة المختلطة بالمعادن وطرحتها فى بوتقة موضوعة فى آتون محمى .. ورأيت بعيناى هذه الكتلة وقد توهجت جدا ً .. ثم رأيت سائلا ً أصفر نقى يخرج منها . ورأيت تلك اليد ذات الجرح الغائر وهى ترفع قطع الأحجار الصغيرة منه ورأيت هذا السائل بعد ذلك معروضا ً فى المحال وقد شُغل والناس حوله يهتفون فى إعجاب ويدفعون الكثير ليحصلوا على هذا الذهب النقى .. وأيضا ً .. رأيت فى الحلم .. رأيت اليد الجميلة ذات الجرح الغائر وفى هذه المرة تمسك طفلا ً صغيرا ً من يده وتوقفه على قدمه ثم تبتعد عنه وتناديه بالاشارة هلمّ إلىّ .. ورأيت الطفل الصغير يبكى فى البداية رافضا ً المشى ثم يرضخ ويحاول شيئا ً فشيئا ً ثم يمشى ببطء ثم بسرعة ثم يجرى ورأيته فى شبابه وقد أصبح عداءا ً عظيما ً .. وأخيرا ً رأيت فى حلمى .. أيضا ً تلك اليد العظيمة ذات الجرح الغائر .. جالسة فوق عرش عظيم ورأيتها تشير أن هلموا أقبلوا إلىّ ورأيت كثيرين جدا ً يتقدمون كل واحد يحمل فوق كتفه تجاربه وآلامه التى إحتملها .. فأشارت اليد فدخلوا إلى مكان الراحة .. وأشارت لى اليد الجميلة ذات الجرح الغائر وكنت أنا وقفا ً أئن تحت وطأة ما أحمل من تجارب وقالت لى هلمّ إلىّ سأحمل معك وعنك حتى تستطيع أن تلحق بمن سبقوك هلمّ هل تريد ؟
.. فرأيتنى أستيقظ قائلا ً .. نعم أريد .. أريد التجارب والضيقات والألم . نعم أريد .. فهى تنقينى وتقوينى وتذكينى .. نعم أريد التجارب فهذا هو طريق السماء .. نعم أريد يارب فلا ترفع عنى التجارب يا سيدى فهى علامة محبتك لى .. فقط كن معى فيها ولا تتركنى كوعدك ...

عند الصليب


نحتفل بعيدين للصليب فى كل عام . أعياد تأتى ثم تمضى . لكن هذا العام . هذا العيد أردت أن أعرف . أن أسأل . أن أعايش هذا الصليب .
لذلك فقد سافرت إلى الجلجثة . إلى حيث موطن الصليب . هناك وجدته . واقفا ً . شامخا ً . فوق الجبل . فوق قمة العالم الملىء بالشهوات والنزوات . رأيته عظيما ً . رأسه بالسماء وقدماه بالأرض . فكأنما قد صار حلقة الوصل الوحيدة بين السماء والأرض . جسر العبورمن الأرض للسماء و العكس .
لم أجده هناك وحده . فقد كان هناك العديد والعديد من الناس . حوله فى كل مكان . منهم القريب منه ومنهم البعيد عنه . رأيت دموعا ً وانسكابا ً حوله ورأيت ضحكا ً واستخفافا ً خلفه .
رأيت من يرآه جهالة ورأيت مع يعرفه قوة . فتجولت بين الواقفين بين الناظرين . بين الراكعين . وعرفت واحدة . اقتربت منها . سألتها . أنت يا مجدلية .هنا وتحته مباشرة ماذا ترين فيه .جاوبتنى ودموعها تغلبها . أرى مخلصى . تركتها ورأيت آخرملابسه الكهنوتيه . صليب يده . لكنته الاسكندرنية جذبتنى إليه . أبونا بيشوى أنت هنا ؟ أجابنى ودموع فرحته تترقرق فى عينيه .. نعم . أنا هنا بجواره . كان معى وها أنا معه . سألته : ماذا عن الصليب ؟ .. فاضت مشاعره وأجاب : الصليب هو كل شىء . هو الحياة .. وهو الحياة بعد الحياة ..هو طريق الحبيب .. وهو باب القبول .. هو أجمل اللقاءات وهو هو الخلاص .. ثم تركته . وجدت آخرين كثيرين جدا ً .. جيش عظيم .. عرفت قائدهم .. أميرهم .. مارجرجس . سألته .. الصليب يا أبى جاورجيوس أجابنى بصوت هز المكان . هو أولا ً ونحن الآن .. أحبنا وصلب عليه ونحن به نثبت حبنا .. ورنم ورنم خلفه كل الشهداء .. والتهبت المشاعر وفاضت الدموع ..
ورأيت أيضا ً جموع غفيرة . أمامهم . أبوهم . عرفته .. بلباسه والاسكيم .. أنطونيوس الكبير .. تقدمت له . وسألته قائلا ً الصليب أجابنى فى هدوء .. هو الغلبة .. هو النصرة .. هو .. قوة إلهنا .. فى شخصنا الضعيف .. تعلقت أكثر بالصليب ذهبت إليه .. ركعت تحته بين الراكعين .. رفعت نظرى . رأيت ما لم أراه من قبل ..سألته .. ولماذا كان هو الباب .. أجابنى .. لأنه طريق صعب .. دمعت عيناى وقلت .. ولكنى .. لم أراك من قبل .. قال لى لاتخف .. لقد رأت عيناك الآن .. قلت له أذن أنت تسامحنى .. قال .. فى الصليب أنت مغفور الخطايا .. فسبحته قائلا ً : نسجد لك أيها المسيح إلهنا .. نسجد لصليبك المحى .. نسجد لآلامك ..ولجراحك الشافية كن معنا .. وأعنا ..إلى الآبد . آمين .

أين شمعتك ؟

ليس عذرا ً مقبولا ً أو منطقيا ً أن الانسان الذى ولد فى جو غير سليم يتمادى فيما هو فيه
فقد تكون الأجواء من حولك قاتمه مؤنبه أوحتى مهلكة .. وذلك شىء وارد لأن العالم حولنا .. لا يحتوى ملائكة ولكن بشر لهم ضعفات وسقطات .. أما عن دورك فهذا ما أريد أن أسألك عنه .. أين ما تقوم به ؟.. ولكى أكون معك واقعيا ً دعنى أقول لك .. كما تشاء إلعن الظلام .. ولكن أيضا ً أضىء شمعة .. نعم فكلنا نكره الظروف المادية القاسية .. نكره .. تعنت المجتمع .. ولكن الايجابية تطلب منا أن نحاول تغيير ما لا نحبه ..
لتكن شمعتك إيمانك بالهك القوى .. الذى حما ودافع عن كنيسته وعن رجاله على مر القرون والعصور
لتكن شمعتك إيمانك بنفسك وامكانياتك التى منحها لك خالقك العظيم ..
لتكن شمعتك محبتك للجميع .. دون تمييز
لتكن شمعتك عطائك بأى شىء تستطيع تقديمه
لتكن شمعتك أنت بكل ما فيك ..
لتكن مضيئا ً فى كل مكان تحل فيه وبك ستتغير الأجواء حول الآخرين .

الأربعاء، 8 أكتوبر 2008

تاكسيات اسماعيلية


- بدأ طبعا العام الدراسى وبدأت معاه معاناة شعب الاسماعيلية من الباشاوات سواقين التاكسى
- الحاجة اللى تجنن فعلا فى الموضوع ان السواقين طول الاجازة عمالين يعيطوا – وكل مما تركب مع واحد منهم يفضل يشتكى لك – الحالة نايمة .. مفيش شغل .. اسماعيلية دى بلد طلبة وموظفين – ولما ربنا يكرم الناس دى بالشغل والدراسة تبتدى يفضلوا بأه يتأرننوا ويتنططوا على خلق الله الغلابة ويتشرطوا عشان يركبوا حد

- الناس الصبح يا عينى يبقوا طالعين مستعجلين - واللى رايح شغله واللى رايح كليته واللى رايح مدرسته – تلاقيهم يا حول الله واقفين زى المتسولين مستنيين لما حد يحن عليهم من اخوانا السواقين ويقرر انه يركبهم معاه

- واللى يجنن اكتر انك لو كنت واقف عاوز تركب بالنفر من الخط بتاعك تلاقى كل التاكسيات عاوزين يركبوا مخصوص ولما تزهق من الوقفة وتقرر انك تضحى بنص اللى فى جيبك وتتنازل وتمشى كلام السواقين وتركب مخصوص تلاقى التاكسيات اللى بالنفر ظهرت

- واللى يجنن اكتر واكتر من كده . ان الناس تبقى واقفة مستنية تركب وتلاقى التاكسيات ماشية ولا معبرة حد – الموقف يا اسطى ؟ .. مخصوص يا باشا ؟ .. طب هديك أد الاجرة مرتين .. ولا حياة لمن تنادى .. أموت وأعرف التاكسيات الفاضية دى اللى بتعدى رايحة جاية ومش بترضى تركب حد بتبقى رايحة فين ؟
- وعلى فكرة برضو . الحكاية دى بتكرر فى بداية اجازة الصيف والاعياد والـ ... والـ ...والجدع بأه اللى يقدر يعترض أو يقاطع التاكسيات ... يللا بأه لنا الله هنعمل إيه ؟

عموما يا اخوانا انا مش عايزكم تزهقوا ولا تملوا من الموضوع ده - أصل الجماعة السواقين دول برضو ناس زينا وعندهم مشاكل برضو زينا ويمكن يكونوا مخنوقين وعشان كده بيطلعوا خنقتهم دى علينا – فمعلشى لازم نستحملهم ونكسب فيهم خير

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2008

لماذا غير الله ؟

هل سألت نفسك قبل الآن .. لما تبعد عن الله ؟ .. ولماذا لا يعجبك طريقه ؟
لقد اختبرت غير الله .. الطريق الأخرى .. فمكثت فيها ولم تختبر غيرها

الله الآن يطلب منك أن تختبره .. أن تحاول التعرف عليه .. اتبعه الآن محاولا ً اكتشاف طريقه .. واذا لم يعجبك ذلك الطريق .. فلا تستمر فيه بل اتركه وارجع من حيث جئت .. إنها دعوة الآن .. لن تكلفك شيئا ً .. والخاسر هو من يرفضها .

الاثنين، 6 أكتوبر 2008

مذكرات يوم الرجوع


كتب الابن الضال فى مذاكراته يوم رجوعه لأبيه ما يأتى :

اليوم فقط . عرفت مقدار حب أبى لى . سنوات طوال مرت على وأنا أعيش مع أبى فى نفس المكان . آراه صباحا ً ومساءا ً وطوال الأيام .لكن . أقول الآن وبصدق يقينى . أننى لم أعرف أبى ولم أتلامس معه . لقد تركته لأننى لم أدرك مقدار محبته لى . تركته لأننى لم أحاول أن أفهمه . تركته لأن نظرتى له كانت غير صحيحة . أقول الآن . لو عادت الأيام . ما تركتك أيها الأب الحنان . دموعك المسكوبة على . وأنا فى عمق الخطية . سقطت للأرض فنبتت شجرة وارفة الظلال تحمينى غدر الأيام . لو عرفت مقدار حزنك ما تركتك لو عرفت مقدار فرحك . لكنت عدت قبل الآن : لو أخبرنى غيرى أنك ستقبلنى . لسبقنى إليك ضعفى لتسامحنى على شرودى . واغفر لى عقوقى وطيشى وإسمح وإبدأ يا أبى معى ... حياة جديدة .. فأنت هو .. أبى .. ساترى .. معينى ..وحياتى الآتية

إمضاء : إبنك العائد إليك نادما ً فرحا ً

أنا والسامرية


عند بئر يعقوب فى بلدة سوخار نقلتنى أفكارى فجلست هناك وإنتظرت .. نظرت إلى ساعة يدى فوجدتها قاربت الثانية عشر ظهرا ً.. رأيت سيدى المسيح آ تيا ً وحوله تلاميذه الأطهار .. ثم رأيتهم وقد تفرقوا ذاهبين صوب البلدة .. وأتى يسوعى بمفرده فألقانى سلاما ً وجلس على البئر .. كانت الشمس تتوسط كبد السماء .. لايوجد أثرلسحابة .. وكان القيظ شديدا ً.. وكل سكان البلدة قد إختفوا فى دورهم خشية ضربة شمس
نظرت إلى سيدى المسيح فوجدته يمسح قطرات عرق تناثرت على جبينه الأبيض الناصع . وقد احمر وجهه الملائكى من فرط سخونة الأشعة الساخنة فسألته . أتعرفنى ؟ . فأجابنى . نعم فأنا من أتى بك إلى هنا .. فدهشت ثم سألته.. ولكن ما الذى أتى بك أنت إلى هنا فى هذا الحر الشديد . فأجابنى وقد صوب ناظريه تجاه الطريق الخارج من البلدة وقال لقد أتيت من أجلها.. فتعجبت وقلت. ولكن. هل تستحق هى كل هذا العناء .. فابتسم قائلا ً ومن تحدث الآن عن الاستحقاق .. أنا أعطى بالأكثر لمن يحتاج .. وسوف ترى أيضا ً ماتسأل عنه.فقلت. لاأفهم. فقال لى : توارى جانبا ً فهى آتيه الآن وسوف ترى وتسمع
تواريت كطلبه . فأتت وتكلم معها سيدى المسيح .. ورأيتها تتحدث . تعترف . تتنقى . تبشر..ثم انصرفت .. وسألنى معلمى وسيدى المسيح مارأيك؟ .. أجبته . شىء مذهل . لقدصدق تعبك من أجلها
ثم قال لى : وأنت ؟ .. فتلعثمت قليلا ً ونظرت إلى الأرض
قائلا ً: أنا. مالى أنا ؟.. فرفع بيده وجهى ناحيته.. فنظرت فى عينيه . فقرأت كلاما ً
كثيرا ً.. وسمعت أشياءا ً عجيبة.. ثم قلت له. أنت تعرف كل شىء .. فأجابنى بإبتسامة مشجعة نعم .. وإعلم أيضا ً أنك لو كنت فى مكان أبعد من السامرية.. فسوف آتى إليك.. فقط إقبلنى كما قبلتنى هى .. فأومأت بالايجاب .. هنا ورأيت تلاميذه يقتربون منا كثيرا ً ساعتها لم تكن هى قد اختفت كليةً ً عن ناظرينا .. فتحركت من مكانى مغادرا ً . فاصدمت رجلى بشىء . فنظرت فإذ هى جرتها .. فمجدت الله وانطلقت إلى مدينتى وأحبائى قائلا ً لكل من يقابلنى : هلموا إنظروا إنسانا ً قال لى كل ما فعلت .. ومازال صوته لها يتردد فى أذنى إلى الآن :أنا الذى أكلمك هو .

الحرية المطلَقة


الحرية المطلقة هى التسيب .. نعم فكل قيمة لابد لها من ضوابط تحافظ عليها .. ومنها الحرية
ومن ضوابط الحرية .. حرية الآخرين .. فهل فى حريتك تنتهك حريات الآخرين أم لا ؟ .. هل تجور على حق الآخر فى الحرية ؟
من ضوابط الحرية أيضا ً مقدار ما تجنى من منافع أو فوائد من ورائها .. هل فى حريتك تفيد غيرك وتستفيد أم تضر نفسك ؟ . . .

ماذا تريد أن تحقق؟


هل فعلا ً كل ما يريده الإنسان هو ما يسعى إلى تحقيقه ؟ أشك فى ذلك ...
فالانسان غالبا ً ما يحاول تحقيق ما لا يريد أو على الأقل قل أنه يريد تحقيق ما حققه الآخرون
أنظر إلى أغلب من حققوا ما كانوا يصبون إليه وما هى حالتهم الآن ... هل هم راضيين عن ما حققوه ؟
من حقق المال وكوّن ثروة لا يكتفى أو لا يريده بل يريد السعادة أو الصحة أو المركز العلمى ... قس على هذا مَن أنجب الابناء .. مَن حقق الشهرة .. مَن حصل على أعلى الشهادات
لذا تحقق جيدا ً من البداية ماذا تريد ؟وليكن ماتريده هو ما سوف تريده مستقبلا ً . . . .

هل تحب أبناءك فعلا ً؟


هل تضييق الخناق على اولادنا – بحجة انهم ما زالوا صغارا ً ولا يعرفون مصلحة أنفسهم – هو ما يسمى بالحب ؟
بهذا المنطق اذن فالله لا يحبنا .. لماذا ؟
لأنه – تبارك اسمه – يعتمد فى تعامله معنا على حرية الارادة للانسان . فيترك الانسان لحريته بعد أن يعطيه الضوابط التى هى الوصايا . ويعرِّفه أن هناك جزاء على العمل إمّا الثواب أو العقاب . مع متابعة أولاده وتقييمهم من وقت لآخر . وتأديبهم فى بعض الاحيان
كل ذلك دونما انتقاص من الحرية الممنوحة لهم فلماذا لا يحاول الأباء والامهات السير على نفس تلك الطريقة فى التعامل مع أولادهم ؟

سر الراهب الصامت


أتسأل عن الأب الشيخ !! ؟؟
لا أحد يعرف على وجه الدقة . سر هذا الأب فهو قليل الكلام . أو قل ولا حرج عديم الكلام . أكثر من نصف قرن فى الرهبنة على نفس المنهاج . لا تغيير . ولا تعديل . إنه وديع ومحب جداً . يعيش حياة الهدوء و السكون – وبرغم ذلك لم يسلك مسلك الأباء المتوحدين – ورغم كونه يحيا الحياة المجمعية مع الآباء إلاّ أنه لم يتخل لحظة واحدة عن طريقته الهادئة التى تجعلك بمجرد لقياه - ولو عن بعد – تشعر بالهدوء النفسى و الطمأنينة .

أباء الدير نفسهم لا يعرفون عنه الكثير . فقط أب شيخ جاوز الثمانين عاماً. لا يتكلم مع أحد – حتى مع طالبى الإرشاد من الرهبان أو العلمانيين - منهج منفرد . يحضر جميع الصلوات المجمعية ولا يقصر أبداً فيها – حتى فى أوقات مرضه – لا يزوره أحد ولا يزور أحداً. قد تقول لى أن هناك الكثير من أباء الدير يسلكون نفس الطريقة أقول لك أنهم لا يلفتون النظر مثل هذا الأب الشيخ فبمجرد رؤيتك له تعرف منهجه . فيكفيك عندئذ ٍ نظرة من عينيه الوديعتين . فتحظى بمأربك منه وتمض إلى حال سبيلك فرحاً .

ما جعل أباء الدير يفكرون بوجود سر ٌ ما فى حياة ذاك الأب الوقور ذلك التصرف الذى كان يكرره على فترات متباعدة .
كان هذا الأب يخرج من قلايته أوخلوته ليتجول فى ربوع الدير فى كل مكان – كأنما يبحث عن شخص بعينه – وبعد فترة من التجول تراه وقد وجد ضالته . فهو دائماً ما يهتدى إلى شخص بعينه . قد يكون هذا الشخص عاملاً أو زائراً .رجلاً أو امرأة . شاباً أو شابة . كنا نرى ذلك الأب الصامت وقد انتحى به جانباً وجلسا معاً يتحدثان .على الرغم من عدم معرفتهما سابقاً .ودائماً ما تكون مدة الحديث ملفتة للنظر فهي غالباً ما تتجاوز الخمس ساعات و أحياناً ما كانت تحدث بعض المشاكل بسبب تأخير خروج بعض الرحلات من الديرومع ذلك لم يعترض أحداً على ذلك فربما كان ذلك الشخص يطلب كلمة منفعة . ولكن كيف ذلك ؟ فالمعروف أن هذا الأب لا يتكلم مع أى أحد . ثم هل تستغرق كلمة منفعة كل هذا الوقت . أسئلة كثيرة كانت تتناثر هنا وهناك بين الجميع رهباناً و زواراً ولا أحد يستطيع أن يجمع لها إجابة واحدة منطقية تشفى العليل ولكن أحداً لم يسأل هذا الأب ...... إلى أن جاء ذلك اليوم .

فبعدما ضرب ناقوس الدير معلناً عن بداية التسبحة خرجت أنا كعادتى من قلايتى متوجهاً للكنيسة . وبعد أن اتخذت مكانى بين آبائي الرهبان دخل ذلك الشيخ الوقور بعدى فى خطوات بطيئة . وإذ به ولأول مرة أمام الجميع يأتى بتصرف لم نعتد عليه من قبل . فبعد أن صافح الأب رئيس الدير . همس فى أذنه بشىء ما . وهنا ورغم بُعد المسافة بيننا رأيت انتفاضة جسد الأب الرئيس و رأيت ملامح وجهه المنبسطة مع دقات الدف و التريانتو وألحان التسبحة الجميلة تأخذ فى الإنكماش شيئاً فشيئاً ورأيت على وجهه مئات من علامات الاستفهام .

رأيت الأب رئيس الدير وقد همس أيضاً فى أذن أبى الشيخ الوقور وهنا – ولأول مرة أيضا ً – أرى أبى الشيخ يلتفت ناحيتى وقرأت اسمى على شفتيه ورأيت حركة وجه أبى رئيس الدير وهو يتحرك فى بطء من ناحية فم أبى الشيخ إلى ناحيتى . ساعتها فقط علمت أن هناك أمر ما يتعلق بى . فإذا باللحن لم يقوى على الخروج من فمى بعدما كنت مندمجاً بحماس فى التسبحة وقفت كتمثال فى انتظار أن يحدث شىء ما فلم يحدث . فالأب الشيخ عاد فوقف فى مكانه المعتاد والأب رئيس الدير تابع صلواته فى هدوء .

أما أنا فقد غرقت فى دوامة من الأفكار لم أستطع منع نفسى عنها ... لابد وأن أبى الشيخ يشكو منى فأنا دائماً ما أتابعه بنظراتى كلما رأيته مقبلاً نحوى حتى يختفى من أمامى تماماً ... لابد وأنه قد تضايق من هذا التصرف .. كانت الأفكار ترتسم أمامى أحداثاً سوف تتحقق بعد القداس .
( سيقوم الأب رئيس الدير باستدعائى و توبيخى على مثل هذا التصرف الذى لا يتفق مع الأخلاق الرهبانية ) .
يا خطيتى لى حتى الآن عامان فى الزى الرهبانى و لم أستطع التخلص من عاداتى الرديئة . يا رب ارحمنى . وتزاحمت بى الأفكار من كل جانب حتى شعرت بنفسى أختنق و تمنيت لو وقفت وسط الأباء و صرخت بأعلى صوتى . أخطيت سامحونى . و لكنى حاولت التماسك بقدر الامكان إلى نهاية القداس و قد كان .

بعد القداس مباشرة ً طلبنى الأب الرئيس كما توقعت و فجّر أمامى مفاجأة لم تكن لتخطر لى على بال البتة . قال لى : ستذهب مع أبونا الشيخ ( كما كنا نسميه ) فى مهمة عاجلة إلى العاصمة . جهز نفسك ستسافران الآن .. و كأنه قد شعر بهول ما أصابنى من مفاجأة فعاد ليكرر الكلمات كلمة كلمة و بهدوء حتى أستوعب .هنا انتقلت علامات الاستفهام من وجه أبى إلى وجهى و ذهنى . فرآها ورد عليها بكلمات لم تزيلها و لكن زادتها .
قال لى : أعرف ما ستقول .. أنا لا أعلم أكثر من هذا عن الموضوع .. اذهب فاستعد .

لا أتذكر كيف عدت إلى قلايتى و لا كيف كان استعدادى . كل ما أتذكره بعد ذلك هو أنى كنت مع أبى الشيخ فوق عربة المياة فى طريق خروجنا من الدير . كان صوت محرك السيارة يكفى لايقاظ ميت مات منذ سنة إذا مر بجانبه . ومع ذلك لم أسمع منه شيئاً فقد كان هناك طنين يسد آذانى لا أعرف له سبباً أو قل أن الأفكار داخل رأسى كانت فى اندفاعها و كثرتها أكثر بكثير من أى صوت آخر يستطع أن يشدنى . لذلك فقد كنت كالمشدوه لا أبدى أى نوع من الاستجابة لأى مؤثر خارجى .

.. .. وأخيراً .. .. وصلنا العاصمة . و عندما أقول أخيراً لا أقولها اعتباطاً . أو إيجازاً و إنما أقولها بصدق لأننى أثناء هذه الرحلة ما كنت مصدقاً بوجود نهاية سنصل إليها . و لا أبالغ إن قلت بأنه كان هناك من يتعقبنا واضعاً أمامنا العراقيل ليمنع وصولنا . كيف لا والأمور تزداد تعقيداً كلما سرنا فى أى مكان ووضحت أمامى جلية ساعتها مكائد المعاند عدو كل خير ، و تمنيت ساعتها أن أراه وجهاً لوجه لكى أفتك به . ولكن أبى قال لى ساعتها : يا ولدى إن حيل المضاد لا تُقهر هكذا بل بالصلاة و الجهاد المستمر و الإحتماء فى المراحم الالهية .

وصلنا ! و لكن أين وصلنا !؟ فأنا لم أكن أعرف هدفنا المراد الوصول إليه ، و إنما كنت سائراً مع أبى الشيخ فى صمت أتبع ارشاداته للطريق فى تعجب كبير فحتى لو كان أبى قبل رهبنته من سكان هذه المنطقة فكيف تسنى له أن يعرف الطريق بهذه السهولة بعد مرور أكثر من نصف قرن على تركه لها .

وصلنا إلى كنيسة تقع فى إحدى الأحياء الراقية جداً بالمدينة ودون تفكير منى أخذت بيد أبى الشيخ المستند علىّ و هممت بدخول البيعة و لكنى فوجئت بأبى يقول لى أن أجُلسه على أحد المقاعد الحجرية أمام البيعة على الجهة المقابلة فرضخت فى عدم تعجب فبعد كل ما مر بى مع ذاك الأب و كثرة تعجبى أصبح التعجب و الاندهاش و المفاجأة هو الشىء الطبيعى و أصبح غير الطبيعى أن يحدث أمراً عادياً .

جلس أبى و جلست إلى جواره ، مضى نحو ثلاث دقائق لا أكثر ثم قال لى : اذهب إلى ذلك الشخص الواقف أمام البيعة و قل له ( فلان ) يطلبك . و لمّا نظرت إليه باستفسار – لأنه كان يوجد أكثر من عشرة من الشباب يقفون هناك – حدده لى باسمه ووصف ملابسه وطلب منى احضاره إليه .. و لم تتملكنى الدهشة من معرفته لاسمه ولكن ما حيرنى ساعتها ، كيف سأقتحم هذا الجمع من الشباب فقد مرت دقائق فقط وهم أمامى لم أسمع فيها كلمة عادية . فقد كان حديثهم ساعتها بكلمات لا تقو الأذن على سماعها من بذاءتها و دونيتها . و من يضمن لى أنهم لن يأخذونى موضوعاً للتهكم و ربما ينالنى منهم شيئاً أكثر من ذلك . دارت هذه الأفكار برأسى و قبل أن أنطق بكلمة نظر إلىّ أبى الشيخ بعمق و قال لى : اذهب ولا تخف الرب معك ، هنا داخلنى شعور قوانى كثيراً فاتجهت إلى ذاك الشاب بعينه فى خطوات ثابتة و فى اقتضاب قلت له : الأخ فلان ؟ فنظر إلى ّفى شبه ذهول و عجب و أومأ بالايجاب فأكملت قائلاً له : أبونا ( فلان ) عاوزك .. .. .. هنا التفت إلى الجهة الأخرى فرأى أبى الشيخ جالساً هناك فى هدوء فأجاب بسرعة . حاضر .
ثم عبرنا الشارع سوياً فسلّم على أبونا الشيخ و هو يملكه العجب أيضاً . فقال له أبى بهدوء وابتسامة يتخللها بعض الفرح و البهجة : أقعد يا ولدى . وقبل أن أتحرك من مكانى قال لى أبى : ادخل يا أبونا إلى الكنيسة و صلى القداس مع أبوك الكاهن و أذكر ضعفى فى صلاتك و أذكر أخونا ( ذكراسم الشاب ) و انت بترفع الحمل .

و لم أجب بشىء بل تحركت متثاقلاً إ لى الكنيسة و الأسئلة أيضاً تدور برأسى كالدوامة فى وسط البحر( كيف لى أن أترك أبى الشيخ هكذا دون رعاية . و مع ذاك الشاب غير الملتزم . وفى الشارع . وكيف لى أن أقتحم كنيسة دون سابق معرفة . و أصلى القداس فيها . و أرفع أنا الحمل .. و... و.. ) و لكن طاعة لأبى لم أرفض بل نفذت ما طلبه منى
العجيب فى دخولى للبيعة .أن كاهن البيعة إستقبلنى فى ترحاب و سلّم علّى باسمى و سألنى أخبارى و أنا فى ذهول ( فأنا لا أعرفه فكيف يعرفنى هو! ) و لم أسأله بالطبع فقد كنت أعرف بالطبع أن ذلك ضمن مسلسلة الغرائب التى أعيشها مع أبى الشيخ منذ خروجنا من الدير .

انتهى القداس , و لكن أيضاً بعد شىء من التعب فقد كانت نظراتى معلقة بالخارج طوال القداس فى انتظار دخول أبى و لكن هذا لم يحدث ففى نهاية القداس و بعد صرف ملاك الذبيحة رأيت ذلك الشاب الذى تركته مع أبى بالخارج مقبلاً نحوى و قد تغيرت ملامحه كليةً فقال لى : أبى الشيخ يطلبك بالخارج فسلمت على أبى الكاهن و انصرفت خارجاً من البيعة بعد أن أعطانى ( لفة ) كانت موضوعة فى الهيكل الجانبى وعندما خرجت لأبى لم يتكلم معى بل نظر إلىّ قائلاً هيا بنا يا ولدى لنعد من حيث أتينا .

فى طريق العودة جلسنا جانباً مرات قلائل فكنّا نتناول طعاماً من تلك اللفة التى كان قد أعطانيها أبى الكاهن من قبل ثم نتابع السير من جديد و قبل أن نصل الدير بدقائق قليلة حدثنى أبى الشيخ قائلاً :
+ هل رأيت ذاك الشاب الذى تحدثت معه ؟
- نعم يا أبى .. ما له ؟
+ كان ذاك الشاب هو أنا .
- كيف ذلك يا أبى ؟
+ كانت حياتى قبل دخول الدير مثل حياته تماماً . كنت القائد لمجموعة من الشباب لم نكن نعرف شيئاً عن الله أو الكنيسة سوى الوقوف أمامها و السخرية ممن يدخلونها لم نكن نحترم كهنوت أو كبير أو صغير أو عاجز أو طفل أو إمرأة . كنّا بلا هدف بلا مرشد بلا معرفة نتصرف.
( ثم حدث معى مثل ما حدث أمامك اليوم تماماً ) بعدها تركت العالم إلى الدير و كانت تلك الجلسات التى تسألون عنها فى الدير كتلك الجلسة التى جلسها معى أبى الشيخ الكبير منذ أكثر من خمسين عاماً و مثل جلسة اليوم أيضاً . إنها رسالة توبة يا ولدى وصلتنى و يجب علىّ أن أبلغها كما وصلتنى هذا هو الشرط .
- اسمح لى يا أبى .. هناك أشياءاً كثيرة أود معرفتها
+ أتقصد كيف عرفت الطريق ؟ و كيف عرفك الأب الكاهن ؟
- وما سر اللفة ؟ و كيف كنت تهتدى إلى من تكلمهم ؟ و ماذا كنت تقول لهم ؟ .. و .. و..
+ يا ولدى لا تتعجل الأمور . كل هذه الأشياء و أعظم منها سوف تعرفها فى المستقبل عندما تزداد علاقتك بفاديك الذى يعطى لأولاده ما يطلبونه و أكثر بكثير .

ثم سكت أبى برهة قصيرة ثم قال لى إن ما قلته لك الآن يا ولدى سراً . لا تقوله لأحد البتة لقد قلته لك بسماح من الله كمكافأة لك على تعبك معى فى هذه الرحلة و اعلم يا ولدى أن :

الله يرسل رسالته لكل إنسان بالطريقة التى تلائمه و بالأسلوب الذى يقبله
إعِلم ذلك وعلّمه

ثم وصلنا الدير بعد غياب حوالى ثلاثة أيام لم يذق فيها أبى الشيخ طعم الراحة أو النوم . أما أنا فقد كان نومى متقطعاً فى المواصلات التى استقليناها و لذلك فقد وصلت الدير و أنا أشعر بثقل شديد و حاجة ماسة للنوم فبعد أن سلمّنا على رئيس الدير أوصلت أبى إلى قلايته ثم دخلت إلى قلايتى و صليت قليلاً و رحت فى سبات عميق .

إستيقظت فى صباح اليوم التالى على دقات جرس الكنيسة و هى تدق دقات حزينة متتابعة فادركت بإنتقال أحد الأخوة و لمّا خرجت من قلايتى كانت المفاجأة فقد كان المنتقل (أبى الشيخ) ساعتها أصابتنى حالة من الذهول و البكاء المستمر
بكيت كثيراً كما لم أبكِ من قبل . بكيت أكثر مما بكيت على والدىّ المنتقلين . لقد كانت رحلتى مع أبى الشيخ أسعد أيام حياتى رغم كونها أتعب أوقات رأتها عيناى .
لم أصدق ما سمعتُ لذلك فقد هرعت إلى قلاية أبى الشيخ و عندما دخلت وجدته ممدداً على فراشه الفقير فى جانب قلايته مغمض العينين ووجهه يشع بنور سماوى عجيب فركعت بجانبه و الدموع تنساب منى بلا انقطاع فاحتضنته و قبلّت يديه ووجهه . و دارت فى مخيلتى كل كلماته و تحركاته و ايماءاته فازددت بكاءاً و جلست إلى جواره قائلاً : لا تتركنى يا أبى .. .. لا تتركنى يا مُعلمى . و لم أكف عن البكاء طوال ثلاثة أيام عقب نياحته فقد كانت ذكرياتى مع أبى محفورة فى ذاكرتى . لا تغيب عنى مطلقاً .

فى نهاية اليوم الثالث و كنت أصلى صائماً لم أذق شيئاً منذ رحيله و فى نصف الليل و جدت أبى داخلاً إلىّ فى قلايتى كما كنت أراه على الأرض و لكنه اكتسى بلباس سماوى تحوط به غلالة رقيقة من النور المبهج للنفس . فنظر إلىّ مبتسماً و قال : لماذا تبكى ..؟ ؟ لا يوجد وقت للبكاء .. قم سريعاً .. فأكمل توبتك .. ونادى لأخوتك بالتوبة ..
فالمكافأة عظيمة , و التعب يسير

و كل من يسألك عنى يمكنك أن تقول له عن السر .. .. فهو لم يعد سراً .. .. قل له :
إن أبى الشيخ
كان رسالة توبة من الله إلينا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى كل من تزينوا بلباس الجهاد ... إلى من خرجوا لطريق يلتمسون فيه خلاص نفوسهم ... إلى من لا تنقطع صلواتهم من أجل خلاص العالم ... إلى من اختبروا و تلامسوا وعاشوا مع الله ...
إلى كل أباء البرية ... نهدى هذه الفكرة .

سامِـح قد سامَـح


سامح ذاك الطفل المؤدب – الذى كان محبوباً من الجميع – لم أكن أنا أحبه . لماذا ؟ لا أدرى . كان شعورى دائماً من نحوه إمّا الحقد والغيرة أو الغضب والرغبة فى تحطيم ذاك الذى يسرق الأضواء دائماً كلما تواجد فى مكان .
كنّا سوياً فى فى نفس الفصل فى مدارس الأحد , وكان - دون غيره - دائماً ما يحظى بكل الإهتمام من كل الخدام . كان بعضاً من أصدقائى يشعرون بالغيرة منه , وأما أنا فقد كنت أحترق من النار المشتعلة فى صدرى تجاه ذاك الإنسان حتى وصل الأمر بى إلى عدم الإحتمال ,وقررت أن افعل شيئاً لأطيح به من أمامى .

لم يكن هناك عيباً فى سامح , فهو طفلاً مثالياً بكل المقاييس , يتعامل مع الجميع – ومنهم أنا وكل الحاقدين عليه – بكل لطف وهدوء ومحبة حسب طبيعته الهادئة ودون تكلُّف .كنت أعلم كل هذا ومع ذلك لم أستطع منع نفسى من كرهى له وحقدى عليه .

وبالفعل بدأت فى إثارة رفقاء السوء الآخرين ضده. إلى أن إجتمعنا فى أحد الأيام فى جلسة عُقدت تحت قيادتى بإشراف عدو الخير الذى كان يُشعل فىّ ناراً كانت تخرج مع الكلمات فتلهب الآخرين أمامى . ووضعنا خطة طويلة المدى الغرض منها ( الإنتقام من سامح ) وذلك بتلويث سمعته ووضعه موضع المتهم أمام الجميع عن طريق تدبير المكيدة تلو الأخرى له فى كل مكان يذهب إليه سواء فى الكنيسة أو المدرسة أو النادى وكل مكان معروف فيه .

بدأت الأمور بداية حسنة وكانت الفرحة الشيطانية تملكنا جميعاً متباهين بالخطة الموضوعة وأنه ليس بمنقذ من أيدينا .. .. ولكن .. ..
خابت آمالنا التى كنّا نحلم بها . فقد فشلت كل خططنا ونلنا جزاء ما دبرناه وبقى سامح كما هو بل وأفضل مما كان ..

{ دارت كل تلك الأفكار فى ذهنى وأنا أقترب من أبى الراهب . الذى علت وجهه إبتسامة ملائكية عندما رآنى . ثم إحتوانى فى حضنه فانحنيت على يده أُقبلِّها ودموعى قد بللت خدىّ . وأنا أقول : سامحنى يا أبى .. أما هو فقد نظر إلىّ وإبتسامته لم تفارقه ثم قال لى : إطمئن يا ولدى .. .. سامِح قد سامَح }

نعم .. فقد كان أبى الراهب .. هو .. هو .. سامح .

لـن يخـدع الـلـه


كان ينقصه الجناحين ليصير ملاكاً .. إنه فعلا ًملاك .. ولكن بدون أجنحة .. كان دائماً ما يخفى فضائله .. حتى لا تُنهب .. من شيطان المجد الباطل .. كان متواضعاً جداً .. وديعاً ومحباً .. به كل الصفات الجميلة .. التى يتمنى الجميع أن يحصلوا عليها .. كهبة مجانية دون تعب أو عناء .. لا تمر مناسبة كنسية .. إجتماعية أو عائلية .. إلاّ ويتطرق الحديث إليه .. والجميع دون إستثناء .. يضعون فوق هامته .. أكاليل الثناء والتقدير .. سواء فى وجوده أو عدمه .. ولِمَ لا وهو بالحق .. إنسان قديس .. مجاهد حقيقى .. ومن لا يعترف بذلك .. فهو إنسان جاحد .. وليس الحق فيه .

( دارت هذه الأفكار فى رأس الزوجة الحزينة , ولم تجد أمامها شيئاً تفعله حيال ذلك , سوى أن تمسح دموعها المنهمرة من عينيها فى غزارة كما الأمطار الجارفة فى ليلة من ليالى الشتاء حالكة السواد قارصة البرد )

ترفع سماعة التليفون .. تبحث عن حرارة .. لعله غير الإنسان .. لعله يحس بما هى فيه .. لا حرارة .. لا صوت .. السكون لا ينقطع .. حتى أنت ؟ .. وضعت السماعة .. تحركت من مكانها .. متثاقلة .. لا تدرى أين تذهب .. ساعة الحائط دقت .. تنظرفى تلقائية .. ناحية الصوت .. العاشرة والنصف .. تلقى نظرة عبر النافذة .. الظلام دامس .. لا قمر .. لا نجوم .. فقط غيوم .. كآبة تملكتها .. لا بشر .. صوت كلب ينبح ..

تركت ذلك .. دخلت المطبخ .. لا تعرف ماذا تفعل .. حركات تلقائية .. تضع الأطباق المتسخة فى الحوض .. تمسك بالصابون .. لا تركيز .. ذهن شارد .. أخشى أن يخدعك أنت أيضاً .. يارب إرحمنى .. خلاص تعبت .. تترك كل شىء .. تخرج للصالة مرة أخرى .. نظرها معلق بالساعة .. مرت خمس دقائق .. الإنتظار يقتلها .. ماذا سيحدث ؟

جرس الباب .. تجرى مسرعة .. أبونا .. أخيراً .. الحمد لله .. إتفضل يا أبونا .. دخلت خلفه .. أرجو ألاّ يخيب ظنى .. البرودة تسرى فى المكان .. كـبـايـة شـاى لـو تـسـمـحـى .. يا بنتى .. بدا تفكيراً ..لا كلاماً .. حاضر .. خرجت .. عادت .. جلست .. خير يا أبونا .. عملت إيه ؟ .. الرطوبة تنتشر .. البخار المتصاعد من الشاى .. يشد الإنتباه .. يحتضن كوب الشاى .. بكلتا يديه .. نظراتها تتابعه .. بلهفة .. يرتشف .. رشفات متتالية .. جف حلقها تماماً .. شوفى يا بنتى .. قلبها يدق عالياً .. أنا .. أنفاسها تعلو .. كلِّمت جوزك .. جحظت عيناها فى ترقب .. الراجل مش مقصَّر فى حاجة .. أصابها ذهول .. جوزك راجل مفيش زيه .. طنين سد أذنيها .. لا تسمع شيئاً .. لحية وشارب يتحركان .. لا صوت .. لا كلام .. الكلام معروف .. تعبيرات الوجه تضيق .. إحتداد .. لوم .. نصيحة .. تهديد .. نصيحة أخرى .. إستئذان .. سلام .. أين هو ؟ .. لا أمل .. الجميع مخدوع .. نظرة إلى السماء .. وأنت ؟؟

الكرسى إجتذبها .. أجلسها .. لا صوت .. تفكير .. لا أفكار .. إنتهت .. كان الحل الأخير .. غيبوبة .. عن الواقع .. هدوء قاتل .. يسبق العاصفة .. ستبدأ .. قطة فى الخارج .. تصرخ .. هناك .. إنه قادم .. إتسعت حدقتيها .. من الرعب .. لم تستطع النهوض .. إضطرب قلبها .. تضاعفت دقاته .. النافذة فُتحت .. دفعتها الرياح .. مفزع .. الباب يُفتح .. إختلط صرير الباب .. مع صوت الرياح .. الرياح تملأ المكان .. دخل ووقف أمامها .. لم تتحرك .. ماتت الحركة .. تنتظر .. صوت رعد .. يتكلم .. بتشتكى لأبونا يا بنت الـ .. لا تعليق .. إنقضاض .. محاولة هروب .. إلى أين ؟ .. إنقطع التيار الكهربى .. ظلام .. رعد .. لا رؤية .. البرق يبرق .. رعب .. أكثر من يدين .. على الوجه .. على الرأس .. على الجسد النحيل .. يمسك قدمه .. شىء أسود .. مؤلم .. جداً .. صراخ .. رعد .. أنا .. برق ..دموع .. نزيف .. أرجل تركل بعنف .. حاضر .. الأمطار غزيرة .. رياح .. الشباك الزجاجى .. ينكسر .. على الأرض بدون حركة .. إكتفى .. خرج .. أغلق الباب .. ظلام .. كل شىء إنتهى .. لا مطر .. لا برق .. لا رعد .. عاد التيار الكهربى .. تزحف .. على الأرض .. ترفع يدها .. ألم رهيب .. تمسك بكرسى السفرة .. تمسح الدم المتساقط .. من وجهها .. من أنفها .. ترفع جسدها .. لا تستطع .. تنظر إلى فوق .. تحاول .. تنجح .. الدموع كثيرة .. الدماء غزيرة .. الآلام رهيبة .. تتجه للنافذة .. الجو يصفو .. لا سحب .. القمر بدراً .. نجوم كثيرة .. السماء مضيئة .. تنظر للسماء .. شايف ؟ .. يرضيك ؟

شىء ما يحدث .. فى السماء .. ألوان .. أضواء .. تفرك عينيها .. لا تصدق نفسها .. فى السماء .. السيد المسيح .. له المجد .. إحساس جميل .. مريح .. لا ألم .. لا دموع .. لا حزن .. فرح .. متزايد .. عزاء .. صوت .. من السماء .. لن يخدع الله .. يتكرر .. لن يخدع الله .. يتكرر .. لن يخدع الله .
12/1/2003

الــمُــعــزِيّــة


قطع الرنين المتواصل للتليفون سكون الليل فهبّت الأم من نومها بفزع لترفع سماعة التليفون فى تلقائية ولسان حالها يردد - خير إن شاء الله . مين يا ترى ؟ ؟
كانت إبنتها آمال هى المتحدثة , كلمات قلائل قالتها الابنة فقامت الأم مسرعة عن فراشها وأيقظت زوجها وفى دقائق معدودة كانا قد إرتديا ملابسهما إستعداداً للخروج من المنزل بعد أن أيقظا إبنهما رفيق لينقلهما بسيارته الخاصة إلى منزل أخته لأمر عاجل جداً ..


بعد عشرون دقيقة لا أكثر كان ثلاثتهم أمام منزل الأخت يدقون جرس الباب وعند دخولهم كانت هناك مفاجأة فى إنتظارهم إذ وجدوا المكان يغط بالأقارب والأصدقاء والجيران , والجميع حول ( آمال ) فى إنتظار ما ستقول .


وجدت الأم إبنتها فى حالة سيئة للغاية فقد شحب لونها وأما عينيها فقد كانتا طائشتان فى كل صوب وجسدها يرتجف ودموع تتساقط من عينيها دون ضابط , وهى فى كل ذلك تحتضن ابنها وابنتها الصغيرين فى حضنها بقوة ولا يستطع أحد أن ينزعهما من حضنها , وكان الجميع يتحدثون إليها ويطمئنونها ولكنها لم تستمع لكلمة واحدة فحالتها كما هى .


حاولت الأم أن تستفهم عن الأمر فقال لها الموجودين بأن آمال لم تتكلم حتى الآن وهى على نفس الشاكلة منذ وصولهم . إقتربت الأم من ابنتها فى حنو , وبصعوبة ورفق استطاعت أن تسحب الأطفال من يديها . هنا أفاقت آمال بعض الشىء وكأنما فوجئت بوجود والدتها فشهقت بصوت عال وإرتمت فى أحضان أمها – كأنما هى طفل صغير يحتمى من خطر محقق فى ملجأ أمين – وإنخرطت فى البكاء . ربتت الأم على ابنتها بعدما شاركتها الدموع وقالت لها فى حنو بالغ : مالك بس يا بنتى بسم الصليب عليكى قوليلى إيه إللى صابك بس ؟
هنا خرجت الكلمات من آمال ممزوجة بالبكاء العالى مع الشهقات المتلاحقة .. متقطعة .. مندفعة
* أنا .. أنا .. هموت النهاردة .. يا ماما .
عقب هذه الكلمات ضحك بعض الموجودون .. وسخر البعض الآخر .. وتمصمصت أُخريات .. وساد نوع من الإعتراض وجوه البعض .. وهمهم البعض بكلمات تأنيب صعبة لم يسمعها أحد .. وخرج البعض دون إستئذان . وشعر الزوج – غير المقدر لمشاعر زوجته – بالاحراج . فعلت وجهه حُمرة الخجل والغيظ معاً , ولكنه وارى ذلك بضحكات باهتة قائلاً : إحنا آسفين يا جماعة الظاهر إنه كابوس . فإستأذن الجميع فيما عدا أسرة آمال , فقد جلست الأم مع إبنتها لتستمع إليها .


كان ما تعانيه آمال حرباً هائلة لم يُقدرها أحد من الذين إنصرفوا وظنوا الأمر لا يعدو كونه ( دلع ستات ) على حد تعبير أكبرهن سناً - والتى إنصرفت متضررة جداً .
سألت الأم ابنتها آمال فى حنو : ليه بتقولى كده يا بنتى .. اسم الله عليكى . فردّت الابنة فى يقين . أنا متأكدة يا ماما .. ولادى ؟ .. مين هيربى ولادى ؟ .. واندلعت فى بكاء مرة أخرى بأنفاس لاهثة مضطربة ثم بصعوبة بالغة إستطاع الأخ رفيق تهدئة أخته والتى كانت تعانى من خوفٍ شديد جعل جسدها يرتعش كأنما هو منزل على وشك الانهيار . وبعد اكثر من ساعة هدأت الأخت نسبياً ولكنها لم تستطع النوم عقب إنصراف الأسرة . فظلت تغفو قليلاً .. ثم تصحو فزعة وهى فى ذلك أيضاً تحتضن ولديها النائمين إلى جوارها على السرير وذلك حتى انقضاء الليل .


فى الصباح ذهبت آمال إلى الكنيسة , وانفردت بأبونا مرقس أب إعترافها وروت له ما حدث معها وهى ما زالت مضطربة ..فصلّى لها أبونا وهدأها بعض الشىء ولكنها خرجت أيضاً متأكدة بأنها سوف تموت قريباً جداُ ,وظل شبح الموت يرتسم أمامها فى رعب قاتل للنفس يهز أجزاء جسدها هزاً .


مضى على هذا الحدث حوالى أسبوعين . ثم فى إحدى الليالى .. تكرر نفس السيناريو السابق دون أى تعديل سوى أن آمال هذه المرة كانت مضطربة أكثر وأكثر لدرجة معها أصبح من المستحيل التفاهم معها . فهى متأكدة من موتها وتبكى أولادها وما سيصيبهم بعد موتها . رعب وفزع لا مبرر لهما – من وجهه نظر من حولها – ولا أحد يعرف مقدار ما تعانيه من تعب .


إن آمال ليست مريضة بمرض نفسى ولم يسبق لها الإصابة بأى مرض يؤدى فى نهايته إلى وعكة نفسية ولا تتناول أدوية تؤثر على الجهاز العصبى . كل ما فى الموضوع أنها تُحارب من قِبَل عدو الخير بحرب شديدة .. هى الخوف من الموت .. أمّا ما أصاب آمال بعد ذلك فقد أصبح أضعاف ما كانت تعانيه قبل ذلك . فقد أصبح خوفها كثيراً جداً ونومها متقطع وبالتالى أصبحت صحتها سيئة جداً وفقدت الكثير من وزنها , وبرغم ذلك لم تنقطع عن الكنيسة من إعتراف وتناول وإجتماعات روحية ولكن ما فى القلب فى القلب ولا أحد يدرى إلاَّ عندما يزداد الأمر عليها فيظهر فى تصرفاتها وعينيها الرعب من الموت خصوصاً عندما تسمع بموت أى شخص ولو كانت لا تعرفه من قبل .
أكثر من ثلاثة شهور مضت على هذا الحال وأصعب , ولا يوجد علاج كنسى أو حتى عالمى . إزدادت نوبات الرعب والخوف من الموت وأصبحت رؤى مخيفة ومفزعة ترى فيها آمال الشياطين فى أحلامها وقد أمسكوا بها مقيدين إياها فى عمود متراقصين حولها فى أشكال مفزعة ويهمون أن يبتلعوها . فتصحو فى رعب وفزع ويرتجف جسدها بشدة وحتى بعد الإستيقاظ لا ينتهى كل ذلك فتشعر بإختناق ولا أحد يدرك ما هى فيه , وبعضاً من الأقارب قالوا بأنها مريضة نفسياً وبعضهم قالوا بها روح نجس – وهذا غير صحيح – وبعضهم قالوا ما قالوه قبل ذلك وزوجها شعر باحباط فوقف مكتوف الأيدى , وليس من مهرب .


ما أريد التأكيد عليه أن آمال لم تكن إنسانة شريرة فربما ظن البعض أن ما هى فيه إنما هو نوع من عذاب الضمير أو هو جزاء ما إقترفت من شرور . فهذا أمراً لا يجانبه الصواب , ودعونى أخبركم قليلاً عن آمال حتى لا يتسرع أحدكم فى الحكم عليها :
آمال هى الابنة الكبرى للأستاذ الفونس - والذى يعمل فى أرشيف وزارة العدل موظفاً عادياً جداً مثله مثل الآلاف غيره – عمرها الآن 25 سنة فقط . تزوجت من سامى – والذى يعمل فى نفس المصلحة مع والدها – وكان يكبرها بعشر سنوات وذلك عقب تخرجها من الثانوية العامة مباشرة ثم أنجبت ابنتها سالى ( 5 سنوات ) وابنها جون ( 3 سنوات ) .


أما عن شخصيتها فهى إنسانة عادية جداً إلاّ أن ما يميزها عن غيرها . مشاعرها المتدفقة تجاه الآخرين خصوصاً فى الوفاة فقد كانت تتردد على كنيسة الأنبا بولا والكائنة فى وسط مدافن المدينة وكانت ترى دائماً حالات الوفاة وما يكون فيها من ألم وبكاء لأهل المنتقل فكانت تطلب فى صلواتها أن يهبها الرب ما يمكن أن تقدمه لهؤلاء المتعبين لتعزيتهم . هذه هى آمال .
لم تكن تدرى أن هناك من يترصد بها ليمنعها عن خدمة الآخرين - فعند حالات الوفاة يأخذ عدو الخير فرصة كبيرة فى زرع الشكوك والإعتراضات فى نفوس الناس , وأيضاً تكون الفرصة مواتية لزرع الخوف والتذمر وعدم الرضا فى قلوب أولاد الله – إذن فهى بطلبتها هذه إنما تقاوم مملكة الشياطين وعملهم دون أن تدرى فهى إنما قصدت بالأكثر أن تشارك فى بناء مملكة المسيح . إلى هنا ونكون قد وصلنا إلى بداية القصة أو لنقل إلى النهاية .


بعد مرور ستة شهور على أول الأمر وفى ليلة من الليالى القاسية التى كانت تعانيها آمال وحدها وليس من مشارك لها فيها , وكانت آمال تمسك بكتابها المقدس كعادتها لتقرأ بعضاً من الآيات المعزية والتى ترفع عنها عبء المعاناة جزئياً – حيث أن المعاند لا يلبث أن يبدأ حربه من جديد بأكثر ضراوة – أثناء القراءة مرت عليها إحدى الآيات الجميلة والتى كتبها القديس بولس الرسول قائلاً:
{ لى إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً } فأكملت آمال قراءتها ولكن تلك الآية لم تفارق ذهنها فأخذت تتأملها قليلاً ثم قامت فصلّت وجلست إلى سريرها بين طفليها ونظرها معلّق بصورة السيد المسيح فى شرقية الحجرة وأخذت تقارن بين حالتها ورعبها من الموت وبين ما يقوله الرسول العظيم بولس من أنه يشتهى الموت ليكون مع المسيح فى السماء . فأخذت تبكت نفسها على ضعف إيمانها , وشيئاً فشيئاً بدأت تشعر بهدوء لم تشعر به منذ أكثر من ستة شهور . فأسندت برأسها على ظهر السرير وأغمضت عينيها قائلةً :


{ الآن يمكننى أن أتقبل الأمر براحة .. فلو مت الآن لن أعترض .. ولن أخاف } ثم فتحت عينيها وهى تشعر بالنعاس يشد أجفانها لتنام فإذ بها ترى شخصاً واقفاً بجوار سريرها فى هدوء , تعلو وجهه إبتسامة مريحة . وقبل أن تحاول الصراخ وجدت نفسها تتكلم بهدوء قائلة له :
* من أنت ؟ ثم قامت فوقفت أمامه بجوار السرير . فقال لها :
- ألا تعرفينى ؟ ؟ أنا الموت ... قالها وقد علت شفتاه إبتسامة . فنظرت إليه فى شىء من العجب ثم إبتسمت وقالت له :
* لا . أنت تمزح . فلا يوجد شخص اسمه الموت , إن الموت شىء معنوى لا نراه ولا نسمعه ولكننا نعرفه عندما يأتى .... فأجابها بهدوء قائلاً :
- نعم . أنا أعرف كل ذلك , ولكن إرادة الله سمحت - لكى أنتِ خصيصاً - أن ترينى هكذا وجهاً لوجه عندما آتى لآخذك .. .. فأصابتها دهشة ضئيلة وسألته :
* هل معنى هذا .. أننى سأموت الآن !! ؟؟ .. .. فابتسم قائلاً - يا عزيزتى . أنتِ قد مُتِ بالفعل . أنظرى .. .. وأشار إلى السرير . فنظرت ببساطة فوجدت نفسها نائمة فى مكانها على السرير بين أولادها . ثم نظرت إلى ذاتها فوجدت نفسها مازالت واقفةً أمامه .. فتساءلت بهدوء :
* أتعنى فعلاً أنى قد مِتُ ؟ .. .. فقال لها :
- نعم . وهذا هو جسدك , أما أنتِ فإنك الروح التى أودعها الخالق العظيم له كل المجد .
لم تطل فى النظر والتفكير فإن الهدوء والراحة التى شعرت بهما أولاً تضاعفا الآن كثيراً جداً فهى الآن تشعر براحة مريحة وعجيبة لم تشعر بها أبداً من قبل وهى فى الجسد . فقالت له :
* حسناً .. ماذا الآن أيها الموت ؟ .. أم أنك تريدنى أن أناديك اسماً آخر ؟ لعل هذا الاسم يزعجك كما كان يزعجنى .
فردّ عليها فى رفق قائلاً :
- أنا لا أغضب من نفسى أبداً . فأنا أنفذ المشيئة الإلهية دائماً وبطاعة متناهية .. إن كل إنسان محدد له يوم ميلاده ويوم وفاته عند الخالق العظيم . أمّا أنا فقد أُوكل إلىّ تنفيذ يوم الموت على البشر , ولذلك فإنهم قد يكرهوننى أحياناً وقد يهابوننى أحياناً أخرى . كل شخص منهم حسبما كانت حياته على الأرض . فمَن كان شريراً فاسداً يهابنى لأنه يعرف مصيره الأبدى فى جهنم النار , ومَن كان فى الأرض طماعاً يكرهنى لأنه لا يريد أن يترك ما حققه ويمضى إلى طريق كل الأرض إلى حيث لا متع أرضية فاسدة . إن الأشرار يريدون أن يتركوا النفس والجسد لأهوائهما ولا تتناسب معهم أعمال الروح السامية لذلك هم يكرهوننى .. أمّا من كان يتوقعنى وينتظرنى بشوقٍ فهو من سما عن اللذات والشهوات ونظر إلى الأمور الباقية والتى لا ينطق بها فى السماويات مثل بولس الرسول والذى كنتِ تقرئين عنه الآن فقد كنتُ مشتهاه لأنه عن طريقى يعبر إلى المسيح عريسه ومشتهاه الحقيقى . عموماً فإننى قد كنت فى الماضى قبل تجسد الابن الكلمة وعمله الكفارى على عود الصليب , كنتُ أشير قبل الصليب لا إلى النهاية الجسدية فقط بل أيضاً إلى النهاية الروحية . لأن الأبرار كانوا أيضاً فى الجحيم وأما بعد الصليب فقد صرت أنا فخرا ً لأنه لا يرى أحداً المسيح ما لم يمر بى جسدياً ليصبح فى حياة أبدية .. والآن هيا بنا فقد أثقلت عليك فى الكلام .. .. ..فردّت آمال أو لنقل روح آمال قائلة :


* إلى أين أيها الرفيق الرقيق ؟ .. .. فقال لها الموت :
- إلى مشتهى نفسك إلى ملك الملوك ورب الأرباب يسوع المسيح إلهنا له كل المجد .
سمعت آمال هذا الكلام وظنّت أن قلبها سوف يدق دقّات متتابعة متلاحقة عالية من الفرحة , ولكنها تعجبت عندما لم تسمع قلبها فتذكرت أنها قد ماتت وأن الروح لها طُرق أخرى – غير الجسد – فى التعبير عن الفرح . ثم شعرت بسلام وفرح يملأ كل كيانها فانطلقت عبر الحائط يمسك بيمينها ذلك الكائن الجميل المسمى الموت والذى فَرَدَ جناحين كبيرين كالطائرة بمجرد خروجهما إلى الهواء . أمّا آمال فكانت فكرة أنها فى الجسد مازالت تداعبها لذلك فقد خشيت لبرهة قصيرة أن تسقط إلى أسفل – حيث أنها تقطن فى الطابق الخامس – ولكن سلامها الداخلى لم يتزعزع فهامت فى الجو مع رفيقها صاعدة إلى السماء كأنها ريشة خفيفة حملتها الرياح , وراحت تعلو وتعلو وهى تنظر حولها الأضواء والأهواء والأشياء . ثم تركت كل ذلك وسألت :
* ولكنى سمعت بل وقرأت أن من يرافق الروح بعد خروجها من الجسد هم الملائكة فإن كانت الروح شريرة يقوى عليها الشياطين ويأخذوها وإن كانت بارة تصعد مع الملائكة ولا يقوى عليها الشياطين . فلماذا أنا لا ترافقنى الملائكة وإعلم أن هذا ليس تذمراً ولكنه استفساراً من أجل المعرفة .. لم ينظر إليها الموت ولم يتضايق من سؤالها ولكنه أجابها– وهو مازال محدقاً بطريقه نحو السماء وعيناه معلقتان بالأفق فى هدوء – قائلاً :
- إن موتك أنتِ حالة خاصة . أمر بها الملك أن تكون على هذه الشاكلة وهناك أشياءاً أخرى سوف تعرفينها فى الوقت المناسب ... عندئذٍ شعرت آمال براحة أيضاً ثم تابعت طيرانها حتى وصلت إلى مكان ما - لم تعرف ما هو – ولكنها كانت فى سلام وراحة عجيبين . وقفت ونظرت حولها فوجدت الرحب والسعة والراحة فى كل مكان . فتركها الموت هناك قائلاً لها :
- انتظرى ههنا ... فوقفت دون تردد دون تعب دون فكر لحوح ودون سؤال فقط راحة وسلام فى إنتظار الحبيب , بعد برهة شعرت بشخص ما .. شعور جميل يكتنفها .. يهزها .. ليس هزاً عنيفاً لكن مريحاً .. دموعها انسابت .. كيف ذلك ؟ .. سألت نفسها قائلةً : إن الروح لا تبكى هكذا .. ولكن الدموع غلبتها .. فأدركت .. نعم .. أحس بكَ يا حبيبى .. أين أنت ؟ .. أريد أن أراك .. فسمعت صوتاً .. حولها .. من داخلها .. يملأها .. قائلاً لها :
+ أنا معكى يا ابنتى .. اطمئنى .. لماذا تخافى الموت ؟.. هل هو فعلاً صعب ؟
* لا .. يا ربى الحبيب .. إنه جميل وأجمل ما فيه أنه قربنى منك هكذا .. أين أنت ألن أراك ؟

+ ليس الآن .. إن حياتك على الأرض لم تنته بعد .. فأنا أريدك هناك .. فإن خدمتك لم تبدأ .
* خدمة ؟ .. أى خدمة ؟
+ هل نسيتِ طلبتك ؟ .. ألم تصلّى من أجل المتعبين والحزانى .. وطلبتِ أن تُعطى ما تعطيه لهم ؟
* بلى ..يارب .. لقد طلبتُ ذلك .
+ لقد سمعتُ لكِ فى طلبتك تلك وسوف أعطيكى ( نبعاً من التعزية ) لتسقى منه كل محتاج .. لقد أراد بكِ المشتكى شراً .. لكن هذا الشر قد تحول الآن خيراً .. لقد سمحت أن تتعبى من حروبه لكى ترى بعينيكى ما ترينه الآن .. فتتكلمى عن تجربة وإحساس .. وعندما تعزى الناس تكلمى عن إحساسك ولا تحكى عن ما رأيتيه – لأنه لن يصدقك أحد – وأنا سأكون معكِ فلا تهابى شيئاً .. وأنا أيضاً سأكون فى إنتظارك بعد إكمال خدمتك .. عندها سوف أرسل لكِ الملائكة كما سألتى لكى تُحضرك عندى .. إذهبى بسلام ..
عند ذلك نظرت آمال فوجدت رفيقها السابق – الموت – واقفاً من بعيد يودعها وإبتسامته لم تفارقه وقد فرد جناحيه على مثال الصليب فأشارت له قائلةً :
* لا تتأخر علىّ كثيراً فأنا فى إنتظارك من الآن .. لا تتأخر فأنا فى شوق عظيم للقاء الحبيب .. لا تتأخر كثيراً .. لا تتأخر .. إنى فى انتظارك
و هنا فتحت آمال عينيها فوجدت نفسها قد عادت إلى جسدها الممدد على السرير . نظرت أمامها فرأت صورة السيد المسيح تعلوها إبتسامة مريحة .. فأدركت ما جرى معها فقامت عن سريرها وصلّت صلاة باكر – لأنها كانت الساعة الأولى من النهار – ثم ارتدت ملابسها إلى القداس الإلهى وعقب القداس إقترحت آمال على أب إعترافها بداية خدمة جديدة فى الكنيسة هى خدمة ( ينبوع التعزية ) لتعزية أهالى المنتقلين وبعد أن رأى أبونا وسمع وتعجب وافق وهو يُمجّد اسم الرب .. وفى منزل آمال بعد ذلك لم ينقطع رنين التليفون صباحاً ومساءاً وصياح الديك من اتصالات أبونا والذى كان يُرسل فى طلب تاسونى آمال ( المُعزِّية ) - أمينة خدمة ينبوع التعزية – لتذهب إلى إحدى الأسر والتى إنتقل أحد أفرادها الآن .. لتعزِّيهم .
ولم يعرف أحد سر تاسونى آمال المعزِّية على مدى خمس وعشرون عاماً هى مدة خدمتها بيننا .. أما أبونا فقد عرف هذا السر قبل ذلك ..
واليوم ها هو يحكيه لكم .. فى يوم انتقال تاسونى آمال المعزِّية من هذا العالم الفانى ..
أبوكم وخادمكم الخاطى
أبونا مرقس

ـــــــــــــــــــــــ
أكتوبر 2003
+ الموت فى القصة السابقة هو الموت الجسدى أى انفصال الروح عن الجسد فان كنت قد فهمت غير ذلك أو اصدمت بالفكرة فمن فضلك أعد قراءة القصة ... وإن لا ... فأكمل القراءة
+ القصة مهداة إلى المنتقل الحبيب أخونا الدكتور / أسامة مفرح
الذى أنهى خدمته بيننا وذهب الى السماء ليحظى بلقاء عريسه السماوى فلا تنسى أن تذكرنا أمام العرش الالهى ليعيننا الرب