الاثنين، 6 أكتوبر 2008

لـن يخـدع الـلـه


كان ينقصه الجناحين ليصير ملاكاً .. إنه فعلا ًملاك .. ولكن بدون أجنحة .. كان دائماً ما يخفى فضائله .. حتى لا تُنهب .. من شيطان المجد الباطل .. كان متواضعاً جداً .. وديعاً ومحباً .. به كل الصفات الجميلة .. التى يتمنى الجميع أن يحصلوا عليها .. كهبة مجانية دون تعب أو عناء .. لا تمر مناسبة كنسية .. إجتماعية أو عائلية .. إلاّ ويتطرق الحديث إليه .. والجميع دون إستثناء .. يضعون فوق هامته .. أكاليل الثناء والتقدير .. سواء فى وجوده أو عدمه .. ولِمَ لا وهو بالحق .. إنسان قديس .. مجاهد حقيقى .. ومن لا يعترف بذلك .. فهو إنسان جاحد .. وليس الحق فيه .

( دارت هذه الأفكار فى رأس الزوجة الحزينة , ولم تجد أمامها شيئاً تفعله حيال ذلك , سوى أن تمسح دموعها المنهمرة من عينيها فى غزارة كما الأمطار الجارفة فى ليلة من ليالى الشتاء حالكة السواد قارصة البرد )

ترفع سماعة التليفون .. تبحث عن حرارة .. لعله غير الإنسان .. لعله يحس بما هى فيه .. لا حرارة .. لا صوت .. السكون لا ينقطع .. حتى أنت ؟ .. وضعت السماعة .. تحركت من مكانها .. متثاقلة .. لا تدرى أين تذهب .. ساعة الحائط دقت .. تنظرفى تلقائية .. ناحية الصوت .. العاشرة والنصف .. تلقى نظرة عبر النافذة .. الظلام دامس .. لا قمر .. لا نجوم .. فقط غيوم .. كآبة تملكتها .. لا بشر .. صوت كلب ينبح ..

تركت ذلك .. دخلت المطبخ .. لا تعرف ماذا تفعل .. حركات تلقائية .. تضع الأطباق المتسخة فى الحوض .. تمسك بالصابون .. لا تركيز .. ذهن شارد .. أخشى أن يخدعك أنت أيضاً .. يارب إرحمنى .. خلاص تعبت .. تترك كل شىء .. تخرج للصالة مرة أخرى .. نظرها معلق بالساعة .. مرت خمس دقائق .. الإنتظار يقتلها .. ماذا سيحدث ؟

جرس الباب .. تجرى مسرعة .. أبونا .. أخيراً .. الحمد لله .. إتفضل يا أبونا .. دخلت خلفه .. أرجو ألاّ يخيب ظنى .. البرودة تسرى فى المكان .. كـبـايـة شـاى لـو تـسـمـحـى .. يا بنتى .. بدا تفكيراً ..لا كلاماً .. حاضر .. خرجت .. عادت .. جلست .. خير يا أبونا .. عملت إيه ؟ .. الرطوبة تنتشر .. البخار المتصاعد من الشاى .. يشد الإنتباه .. يحتضن كوب الشاى .. بكلتا يديه .. نظراتها تتابعه .. بلهفة .. يرتشف .. رشفات متتالية .. جف حلقها تماماً .. شوفى يا بنتى .. قلبها يدق عالياً .. أنا .. أنفاسها تعلو .. كلِّمت جوزك .. جحظت عيناها فى ترقب .. الراجل مش مقصَّر فى حاجة .. أصابها ذهول .. جوزك راجل مفيش زيه .. طنين سد أذنيها .. لا تسمع شيئاً .. لحية وشارب يتحركان .. لا صوت .. لا كلام .. الكلام معروف .. تعبيرات الوجه تضيق .. إحتداد .. لوم .. نصيحة .. تهديد .. نصيحة أخرى .. إستئذان .. سلام .. أين هو ؟ .. لا أمل .. الجميع مخدوع .. نظرة إلى السماء .. وأنت ؟؟

الكرسى إجتذبها .. أجلسها .. لا صوت .. تفكير .. لا أفكار .. إنتهت .. كان الحل الأخير .. غيبوبة .. عن الواقع .. هدوء قاتل .. يسبق العاصفة .. ستبدأ .. قطة فى الخارج .. تصرخ .. هناك .. إنه قادم .. إتسعت حدقتيها .. من الرعب .. لم تستطع النهوض .. إضطرب قلبها .. تضاعفت دقاته .. النافذة فُتحت .. دفعتها الرياح .. مفزع .. الباب يُفتح .. إختلط صرير الباب .. مع صوت الرياح .. الرياح تملأ المكان .. دخل ووقف أمامها .. لم تتحرك .. ماتت الحركة .. تنتظر .. صوت رعد .. يتكلم .. بتشتكى لأبونا يا بنت الـ .. لا تعليق .. إنقضاض .. محاولة هروب .. إلى أين ؟ .. إنقطع التيار الكهربى .. ظلام .. رعد .. لا رؤية .. البرق يبرق .. رعب .. أكثر من يدين .. على الوجه .. على الرأس .. على الجسد النحيل .. يمسك قدمه .. شىء أسود .. مؤلم .. جداً .. صراخ .. رعد .. أنا .. برق ..دموع .. نزيف .. أرجل تركل بعنف .. حاضر .. الأمطار غزيرة .. رياح .. الشباك الزجاجى .. ينكسر .. على الأرض بدون حركة .. إكتفى .. خرج .. أغلق الباب .. ظلام .. كل شىء إنتهى .. لا مطر .. لا برق .. لا رعد .. عاد التيار الكهربى .. تزحف .. على الأرض .. ترفع يدها .. ألم رهيب .. تمسك بكرسى السفرة .. تمسح الدم المتساقط .. من وجهها .. من أنفها .. ترفع جسدها .. لا تستطع .. تنظر إلى فوق .. تحاول .. تنجح .. الدموع كثيرة .. الدماء غزيرة .. الآلام رهيبة .. تتجه للنافذة .. الجو يصفو .. لا سحب .. القمر بدراً .. نجوم كثيرة .. السماء مضيئة .. تنظر للسماء .. شايف ؟ .. يرضيك ؟

شىء ما يحدث .. فى السماء .. ألوان .. أضواء .. تفرك عينيها .. لا تصدق نفسها .. فى السماء .. السيد المسيح .. له المجد .. إحساس جميل .. مريح .. لا ألم .. لا دموع .. لا حزن .. فرح .. متزايد .. عزاء .. صوت .. من السماء .. لن يخدع الله .. يتكرر .. لن يخدع الله .. يتكرر .. لن يخدع الله .
12/1/2003

هناك تعليق واحد:

  1. انا بحب القصه ديه جدااااااااااااااااااا

    ردحذف