الاثنين، 6 أكتوبر 2008

رئـيـس الـتـحـريـر


أرسل أحد الكُتاب المغمورين بعدد من أعماله لرئيس تحرير احدى المجلات الأدبية لنشرها وبعد فترة جاءه الرد التالى : -

عزيزي الكاتب الشاب
أرجو أن تقبل كلامي بسعة صدر و تعتبرنى مثل والدك . فأنا لا أنكر عليك جودة أسلوبك فى الكتابة و تمكنك من أدواتك و لكنى للأسف لا أستطيع نشر أى من كتاباتك تلك وذلك بسبب موضوعاتك التى تناولتها بالكتابة من جهة و من جهة أخرى أسلوبك الذى يحض على الاكتئاب و التشاؤم مما سيؤثر بالسلب على توزيع المجلة
مع خالص اعتذاري
ولكن المؤلف الشاب لم ييأس فقد أرسل لرئيس التحرير بهذا الرد : -
سيدي رئيس التحرير
لم تنكر سيادتك بأن أسلوبى جيد فى الكتابة و مع ذلك فأنت تتهمنى بأننى تشاؤمى النزعة لذلك دعنى أقول شيئاً - لا دفاعاً عن نفسى لكن عن أسلوبى - فأنا سيدى ليس تشاؤمى كما تظن ولكنى أتخذ المذهب الواقعى فى الكتابة . فما هو ذنبى إذا كان الواقع الذى نعيشه يدعو للكآبة . أنا أصور الواقع فلماذا تحاكمني بإثم غيري . لست أنا من صنع هذا الواقع أنا فقط أرسمه بقلمي - فأنا لا أرى شيئاً آخر يستحق الكتابة عنه - فاخبرني سيادتك عن وجهه نظرك لعلى أستفيد منها فأرى ما هو مخفي عنى
مع خالص شكري

قرأ رئيس التحرير رسالة الكاتب الشاب ورد عليه بهذا الرد : -
المتفلسف الكبير
أعجبني أسلوبك فى الدفاع عن أفكارك و أنا لا ألومك فى تمسكك بها و لكنى ما زلت عند رأيى بأنه يجب عليك – اذا أردت أن ترى أعمالك النور – أن تغير هذا الأسلوب . فالناس يا عزيزى يعيشون هذا الواقع بكل آلامه ولا نريد نحن أن نزيد ما بهم من متاعب بل يجب علينا أن نتطرق إلى موضوعات تخفف عنهم عبء الحياة وحتى إن اضطررنا للكتابة عن هذا الواقع المؤلم لابد و أن نُزينه بجمال الأسلوب و الكلمات التى تساعد هؤلاء الناس المساكين فى رفع المعاناة عنهم. وأيضا ياعزيزى لا أخفي عليك – كما قلت لك فى البداية - فموضوعاتك التى تختار الكتابة فيها ليس فيها أي شيء يشد انتباه القارىء . فمثلاً : جميلٌ أن تكتب قصة شاب أحب فتاه ولما زوجّها أهلها رغما عنها انتحر حبيبها . مالى أنا وما دار فى خُلد هذا الشاب فى اللحظات الأخيرة قبل انتحاره لماذا تجعلني أشارك هذا المنكود الحظ أحاسيسه . عموماً فأنا لا أريد أن أثقل عليك بالكلام
وتقبل اعتذارى أيضاً

قرأ الكاتب الشاب الرد ثم كتب خطاباً أخيراً ارسله لرئيس التحرير جاء فيه :
أستاذي العزيز
مع خالص احترامي لرأيكم الذى أرسلته دعنى أقول : -
إن الكاتب الذى يُخفى الحقيقة أو يُجملها كمن يقدم للناس أشياءاً تُذهب العقل و تبعدهم عن الواقع كالمخدرات . و الكاتب الذى يسعى لتقديم الحكاية مجرّدة من المشاعر و الأحاسيس يصبح قلمه جافاً عاجزاً عن الوصول إلى كل الحقيقة . و الحقيقة الغائبة عنك أستاذى الفاضل هو أنك لست المسئول عن توحيد الذوق العام لدى الناس . فلابد و أن تختلف وجهات النظر و لابد وأن تتنوع الأفكار و لابد و أن يرى الناس و يحكمون ماذا يريدون . لابد و أن يكتب من يريد أن يكتب فى أي موضوع يريد والحكم فى النهاية ليس لشخص واحد بل الجميع الآن قادر على التمييز بين الجيد و الرديء وما يريده وما لا يريده . لذلك أرجو أن تحاول سيادتك أن تعطى الفرصة الآراء المخالفة لرأيك فهذا هو دورك كرئيس تحرير
مع خالص احترامى

ثم أرسل الكتب الشاب بعدد من أعماله لرئيس تحرير آخر لنشرها وما زال ينتظر الرد .
----------
+ قد يكتفى القارىء بهذه القصة كما هى .... وأيضا ً ....
+ من الممكن أن يرى فى شخصية رئيس التحرير
اشارة إلى ...
- بعض مَن لهم سلطة على غيرهم ...
- بعض مَن هم أكبر سناً من غيرهم ...
- بعض من هم فى المراكز القيادية ...
+ إنها رسالة لكل كبيربأى شكل ...شجعوا صغار النفوس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق