الاثنين، 6 أكتوبر 2008

الحرب للرب

افعل ما يحلو لك فأنا لن أترك صلاتى - هكذا خاطب بيشوى عدو الخير متابعاً صلاة نصف الليل. رافعاً قلبه للرب يسوع أن يعينه ويرفع عنه ضغط أفكار عدو الخير الذى يحاول تشتيته - ختم بيشوى صلاته بصلاة ارتجالية طويلة طلب فى طياتها من السيد الرب أن يشترك معه فى حربه ضد المعاند مظهراً بتذلل أمام الرب مدى ضعفه وعجزه.. بعدها استسلم للنوم.

+ فى الصباح بعد صلاة باكر كتب بيشوى ورقة صغيرة عن جدول أعمال اليوم :
8.00 القداس الإلهى
11.00 افتقاد لفتيان إعدادى
2.00 عودة للمنزل
4.00 زيارة لصديقى المريض (مينا)
5.00 درس الألحان
6.00 اجتماع إعدادى (كخادم)
8.00 اجتماع الخدام (كمخدوم)
10.00 عودة للمنزل
سيكون يوماً مجهداً - حاول عدو الخير إدخال روح ضجر على بيشوى فأجاب بكل عزم وقوة : ولو. ليكن ما يكون. إن عشنا فللرب نعيش ثم التقط بيشوى آية من آيات جدول (ماذا تريد يارب أن أفعل؟) وقرأها لتكون آية اليوم فكانت... لم تقاموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية.. (عب 12 - 4).. أسرع بعدها بيشوى خارجاً من المنزل فى خطوات سريعة إلى حيث نبع التعزية ومصدر القوة. إلى لقاء الرب.. إلى القداس الإلهى.

لم يتمكن بيشوى من الجلوس فى إحدى الصفوف الأمامية كعادته.. فالكنيسة اليوم تغط بالمصلين على غير العادة - لعله تذكار الأربعين أو السنوية لأحد المنتقلين - هكذا خاطب نفسه وهو يتجه إلى مكان آخر فى وسط الكنيسة وجده مناسباً له.. ورفع قلبه للرب يسوع فى صمت قائلاً : يارب. لقد أتيت لأتقابل معك وآخذ منك قوتى.. اجعلنى لا أرى أحد سواك.

فى تلك الأثناء كان القداس قد بدأ بالفعل وتتابعت الصلوات. وبيشوى ينعم بحلاوة الصلاة وهدوء النفس، ولكن عدو الخير لم يدعه إلى ما هو فيه وبدأ الحرب.. فقد أرسل له بأحد الأشخاص جلس إلى جواره، وبدأ فى ترديد القداس بالكامل كاهناً وشماساً وشعباً فى صوت غليظ وقوى جداً. لم يترك لبيشوى بعده أى شئ من التركيز أو الروحانية.

لم يتضايق بيشوى بل رفع قلبه للرب يسوع قائلاً : لا تجعلنى يارب أكون عثرة لأحد أخوتى.. ولم يتكلم معه.. بل فكرَّ أن لكل واحد منا طريقته فى الصلاة فماذا يقطع عليه صلاته. وقرر أن ينتقل لمكان آخر. نظر إلى الخلف فوجد أن هناك بعض الأماكن الخالية من المصلين فترك مكانه فى هدوء ورجع إلى الصف قبل الأخير ووقف فى هدوء.

لم تمض أكثر من عشرة دقائق من ذلك الهدوء، وبدأ عدو الخير بالهجوم للمرة الثانية.. صرخ الشاب الجالس خلف بيشوى فى شئ من العصبية (إيه اللى أخرَّك؟)، ونظر بيشوى للخلف ليجد هذا الشاب يخاطب شاباً صديقه متجهاً نحوه.. فسلَّم عليه وجلس بجواره، وبدءا معاً فى مناقشة برنامج اليوم وما سيفعلونه عقب القداس، ولم يستطع بيشوى أن يسمع كلمة واحدة من الصلاة. فنظر إليهما وقبل أن ينطق بكلمة واحدة نظر إليه الشاب الأول شذراً وقال (لو مدايق من الصوت.. شوف لك مكان تانى).. بينما كان الشاب الآخر ينظر فى حالة من البله الممزوج بالضحك.. ساعتها أدرك بيشوى أن عدم الكلام أفيد من الكلام فى هذه الحالة.. فترك مكانه على الفور متجهاً للهيكل الجانبى وهو يتمتم مصلياً بالمزمور (اللهم التفت إلى معونتى.. يارب أسرع وأعنى)..

لم يكن بالهيكل أكثر من خمس أفراد يقفون فى خشوع.. شكر الرب على هذه الفرصة ووقف فى أحد الأركان البعيدة عن الأنظار ووضع تركيزه كله فى صلوات القداس المتتابعة.

لم تمض أيضاً أكثر من خمس دقائق ثم بدأ المقاوم فى دخول الجولة الثالثة.. فإذ باثنين من الشمامسة الصغار.. قد أتيا إلى جواره فجلسا ومعهما كتاب للمادة التى سيؤدون فيها الامتحان غداً.. وبدأت المناقشات التى سلبت كل هدوء فى المكان..، ولكن تلك المشاحنات لم تدم طويلاً فها هو أحد الشمامسة الكبار والذى يزامل بيشوى فى الخدمة.. قد دخل الهيكل وأوقف هذه الأصوات التى تزعج المصلين..، وأخرج الشمامسة الصغار خارجاً شكر بيشوى الرب إلهه على هذا الحل السريع.. ولكن ما هذا؟ لقد عاد ذلك الشماس الخادم ووقف أمام بيشوى فسلَّم عليه وبدأ يسأله عن أخباره وهل سيحضر الخدمة اليوم أم لا؟ وعن... وعن وأسئلة كثيرة دون أن ينتظر إجابة.. فصرخ بيشوى فى قلبه للرب يسوع قائلاً : يارب لماذا كثر الذين يحزنوننى.. لماذا يارب لا أستطيع أن أتمتع بك..

وهنا رأى بيشوى تدافع المصلين على الهيكل.. لأن التناول سيبدأ حالاً ورن فى أذنيه صوت عدو الخير قائلاً : ها قد انتصرت عليك.. ولم أجعلك تركز فى القداس الذى كنت تنتظره بفارغ الصبر. فرد بيشوى عليه: قد تكون قد كسبت جولة ، ولكن الحرب لم تنته بعد.. ورفع قلبه فى انكسار للرب قائلاً : يارب.. أنا أعرف أنى غير مستحق للتقدم لهذه المائدة السماوية - التناول ولكنى أحتاج لها بشدة. اسمح يارب واعطنى من هذا الخبز السماوى ليكون عونى فى جهادى.. وهنا سكب الرب فى قلبه سلام عجيب فشعر بهدوء وطمأنينة وتقدم من سر الشكر بشكر وخرج ليكمل بقية برنامجه اليومى بعد أن صلى للرب قائلاً : اشترك يارب فى العمل مع عبيدك، وكن معنا فى جهادنا.

وفى نهاية اليوم.. وقف بيشوى ليصلى صلاة نصف الليل فضغط عليه عدو الخير بأفكار تشتيت كثيرة ليسقطه فخاطبه بيشوى قائلاً : افعل ما يحلو لك فأنا لن أترك صلاتى.
----------
+ لأن الحرب مستمرة بين عدو الخير والإنسان مادام فى الجسد لذلك فقد انتهت القصة من حيث بدأت وذلك دليل على أنه من الممكن أن تتكرر الحرب أكثر من مرة...
? القصة مهداه إلى اجتماع الشباب والشابات بكنيسة السيدة العذراء مريم بالإسماعيلية.
? كتبت فى 26 / 4/ 2002

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق