الاثنين، 6 أكتوبر 2008

غــزو


كانت نظراته لى - التى ملأها الرعب - هى سبب ترددى فى إتخاذ قرارى الحاسم بإنهاء حياته فأنا مع كونى حازماً جداً فى تلك الأمور إلاّ أن قلبى يرق أحياناً وأخضع للمشاعر . لكن ساعتها لم ألقِ بالاً لمشاعر الرحمة التى تملكتنى وأشحت بوجهى بعيداً عنه - وهو مازال يرمقنى بنفس تلك النظرة البائسة المترجية – وهممت أن أُجهز عليه وأفقده حياته وإذ به فى تمسكه المميت بالحياة يحاول الهروب منى بالإختفاء فى مكانٍ آخر . فى تلك اللحظة شعرت ما يشعر به من لا ملاذ له ومن لا هدف له فهو دائماً ما يتخبط مثله على غير هدى .
أسرعت ورائه وقلبى يعصره الحزن والأسى للمصير الذى سيلاقيه فلا مناص من قتله فأنا وإن قبلت غزوه لحياتى لا أضمن أنى سوف أحصل على نفس الحقوق التى أتمتع بها الآن – حيث أنى الوحيد المسيطر على مجريات أمور حياتى – فإن كل شخص يرضى بدخول غازٍ إلى حياته عليه أن يتحمل ما سيلاقيه مستقبلاً من سلب تدريجى للإرادة والحقوق وكل من يغزو جزء من حياة الآخرين لا يستنكف من الجور على كل ما يخصهم بدون أدنى خجل أو مراعاة لهم .
دارت كل تلك الأفكار بمخيلتى ورأيت مصيرى الذى ينتظرنى فإذ هو مظلم جداً عندها تجلدت بالأكثر وأمسكت بأول شىء أمامى يمكن أن يفقده حياته ودونما لحظة تردد قررت إنهاء هذا الغزو واضعاً حداً لما سأعانيه فى المستقبل من الآن . ثم أغمضت عينىّ عن كل إسترحام منه وسددت أذنىّ عن كل نداء من قلبى إذ كان يُمنينى بأن هذا المحتل سوف يصبح صديقاً فى المستقبل آنس إليه وأشاركه همومى وأستفيد منه ولكن علا صوت العقل محذراً : كيف للعدو أن يصبح صديقاً ؟ لم تهدأ ثورة الأفكار فى عقلى وعنفوان المشاعر المضطربة فى صدرى إلاّ وأنا أحاصره وبكل قوة فىّ أُفقده حياته فى عدم رحمة لحظتها فقط إنتهى كل شىء .
بعد ذلك حملته وأنا فى شبه غيبوبة – وقد فارق الحياة – فإذ بدموعى تنساب منى حزناً على من قتلت ,ولكن عقلى كان يواسينى بأن مقدار المكاسب التى سوف أجنيها لا تقاس فى كثرتها بضئيل ما كان سيعطينى فى وجوده معى . كانت خطواتى وأنا أسير حاملاً جثته خطوات ثقيلة كنت مصغياً و تخيلت أنى أسمعه وهو ينتحب نفسه بعد موته نادماً على تفكيره المريض الذى قاده إلى ذلك المصير المؤسف . عموماً لقد شعرت براحة كبيرة بعدما تخلصت منه وشعرت بالمعنى
الحقيقى للحرية وتعجبت كيف كان سيؤثر علىّ ويسلبنى حريتى وهو مجرد فأر .
ــــــــــــــــــــ
11/10/2000
* كل خطية ... كل عادة ضارة ... كل عمل لا يرضى الله ... يغزو حياتنا يجب أن نتخلص منه من البداية قبل أن يقوى علينا ويدمر حياتنا . ( طوبى لمن يمسك أطفالك ويدفنهم عند الصخرة )
* تشير القصة إلى كل أنواع الغزو المختلفة .
( سياسى – ثقافى – فكرى – اجتماعى - ........ )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق