الاثنين، 6 أكتوبر 2008

أميرة الشهيدات

(1) كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل عندما قام (مرقس) عن سريره دافعاً عنه الغطاء فى شئ من الضيق - فهذه هى ليلته الثالثة - حيث لم يستطع أن ينام بسبب الأفكار المتزاحمة عليه ليلة وراء ليلة.

(2) مرقس شاب مسيحى يهوى التأليف، وله بعض الأعمال الأدبية المعروفة على مستوى كنيسته - حيث يشارك دائماً فى كتابة القصص ذات المغزى الروحى لنشرها فى مجلات الكنيسة - ولكنه لا يسمح بنشر أى عمل دون أن يكون راضياً عنه تماماً.

(3) تم تكليف المؤلف الشاب بكتابة قصة قصيرة ليتم نشرها فى العدد الجديد من رسالة الشباب الدورية التى تصدر عن خدمة الشباب بالكنيسة - وتركت له أسرة التحرير حرية اختيار الموضوع الذى سيكتب فيه - بشرط أن يكون الموضوع ذا طابع شبابى.

(4) من عادة مرقس إذا ما أراد كتابة قصة أو موضوع معين أن يبدأ بالصلاة ليرشده الرب إلى فكرة الموضوع الرئيسية. ثم يترك الموضوع فى رأسه لفترة معينة حتى ينضج وتتجمع خيوط الفكرة فى نقطة معينة تكون هى نقطة البداية فى الكتابة.

(5)كان موعد تسليم القصة بعد أسبوع مضى منه حتى الآن ثلاث ليال متتالية لم يستطع مرقس النوم خلالها- بسبب الموضوع الذى يريد أن يكتب فيه. فهو موضوع روحى بحت - مما يصعب مهمته إذ كيف سيقدم الروحيات فى إطار قصصى.

(6) كان الموضوع الذى شغل باله هو الأساليب المختلفة التى يحتال بها عدو الخير (الشيطان) على الإنسان لكى يوقعه فى حباله..!أنه موضوع صعب. يتحدث فيه الآباء والمعلمون الكبار ومهما حاول أن يكتب فى هذا الموضوع فلن يستمع له أحد.. وهذا سبب الأرق.

(7) فى وسط أفكاره المتواترة وضيقه.. شدت انتباهه صورة لأميرة الشهيدات - الشهيدة مارينا - كانت موضوعة أمامه على المكتب.. أمسك مرقس بالصورة وهو لا يعرف مصدرها.. ومن الذى أتى بها إلى هنا.. ولكنه نظر إليها بإمعان شديد وأخذ يتأملها.

(8) لاحظ مرقس فى صورة القديسة مارينا أنها تمسك بالشيطان فى غير خوف أو وجل. كما لاحظ بأنها تمسك بيدها الأخرى صليب ربما يسوع المسيح وغصن الزيتون.. ولاحظ أيضاً أن حجم عدو الخير صغيراً ورأى خلفها قصراً ملوكياً وحدائق مزهرة وطريقاً ملتوياً.

(9) ورنت فى اذنيه الفكرة. عندما تركت القديسة الشهيدة مارينا العالم المزهر من خلفها ورفضت طرقه الملتوية وملكه الزائل.. وحملت الصليب وراء مخلصها المسيح.. أعطاها الرب سلاماً فى حياتها وأعطاها القوة لتهزم عدو الخير الذى تضاءل أمام قوة الله الساكنة فيها فهزمته.

(10) أدرك المؤلف الشاب ساعتها أنه لكى يعرف حيل المعاند عليه أن يكون له علاقة حب قوية مع شخص الرب الفادى الذى خلصه ووهبه الحياة.. حتى يستمد من قوته قوة لضعفه.. وعندئذ يكشف له الرب عن حيل المضاد وكيف يقوى عليه.

(11) هنا ووقف مرقس يصلى صلاة حارة للرب يسوع أن يعطيه حياة التوبة وأن يرشده إلى ما فيه خلاص نفسه وأن يكون معه وينقذه من مكائد المشتكى. وطلب شفاعة أميرة الشهيدات العذراء الشهيدة مارينا التى أخذها له شفيعة معينة له بصلاتها عنه.

(12) أنهى صلاته وجلس إلى أوراقه وأمسك بقلمه وبدأ يكتب قصته القصيرة (قصة توبة) شرح فيها أن باب السماء مازال مفتوحاً أمام كل أحد على أن يتوب ويترك حياة الخطية ويقترب من الله أكثر عن طريق وسائط الخلاص والقديسين والتوبة الدائمة.

(13) وعندما أنهى مرقس القصة شكر الرب على كلماته التى أعطاها له وشكر شفيعته العذراء مارينا على فكرتها ووضع هامشاً صغيراً للقصة أنها مهداه إلى أميرة الشهيدات القديسة مارينا.. ورتب أوراقه على المكتب وراح فى نوم عميق.. ولم يكن بباله ما سيحدث له؟؟

(14) لم يمر وقت طويل على استغراقه فى النوم حتى رأى فى نومه شخصاً نائماً على سريره.. ثم رأى شخص أسود اللون ذا شكل قبيح جداً له وجه يشبه الخفاش.. دخل ذاك الأسود إلى غرفة ذاك النائم واقترب منه لينقض عليه ويفتك به.

(15) فجأة ظهرت فى الغرفة فتاة جميلة الشكل نورانية. لها وجهاً مضيئاً مثل القمر. جاءت من وراء ذاك الأسود ولمست بيدها كتفه من الخلف. كأنما تناديه - فلما نظر للخلف صرخ صرخة مدوية جداً هزت اركان المكان وحاول الهروب فأمسكت به.

(16) علا صراخ ذاك الأسود مستغيثاً..، وقد أمسكت به تلك الفتاة فى قوة عجيبة فكانت ترفعه إلى فوق ثم تدفعه فيرتطم بالأرض محدثاً صوتاً كالانفجار.. وتكرر هذا الأمر عدة مرات.. عند ذلك صرخ قائلاً : أطلقينى يا شهيدة المسيح مارينا.. فدفعته أيضاً فاختفى محترقاً.. واختفت الفتاة كما ظهرت.. وانتهى كل شئ.

(17) انتبه مرقس من نومه على صوت غريب فى غرفته.. فكان كأنما أزير طائرة انطلقت للتو إلى الجو بسرعة.. وشعر كأنما كان هناك معركة ما فى غرفته انتهت قبل استيقاظه بلحظات قلائل.. وشدت انتباهه صورة الشهيدة مارينا.
(18) عندئذ تذكر ما شاهده فى الحلم وأيقن ساعتها أنه لم يكن يحلم ولكن الرب أراد له أن يرى صورة حية من دفاع أبناء الكنيسة المنتصرة عن أبناء الكنيسة المجاهدة.. فقام ورفع صلاة شكر للرب يسوع الذى حماه من عدو الخير الذى كان ينوى الفتك به.

(19) نظر إلى ساعته فوجدها تقترب من السادسة صباحاً فأسرع فى ارتداء ملابسه متوجهاً للكنيسة. حيث ينتظر أتوبيس الرحلات. فاليوم هو عيد الشهيدة مارينا والكنيسة تنظم رحلة لصلاة القداس الإلهى فى كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم.. حيث أميرة الشهيدات مارينا هناك.

(20) بعد عودة مرقس من الرحلة- أمسك بالقلم وكتب قصة قصيرة بعنوان أميرة الشهيدات ومؤلف الحكايات حكى فيها ما حدث معه.. وذهب لأسرة التحرير فرحاً بالقصة.. ولما قرأ عليهم القصة.. قرروا بالإجماع رفضها لأنها اغرب من الخيال ولا يمكن تصديقها.. فعاد مرقس فى غير تضجر وسأل نفسه قائلاً : هل يعسر على الرب أمر ما؟
----------
? القصة مهداه إلى أميرة الشهيدات القديسة الشهيدة مارينا.
? كتبت فى 29 / 5/ 2002.
ملاحظة : للقديسة مارينا الشهيدة عيدين فى 23 أبيب وهو عيد استشهادها ويوافق يوم 30 يوليو.وآخر فى 23 هاتور وهو عيد تكريس كنيستها بأنطاكية ويوافق يوم 2 ديسمبر.ويوجد كف القديسة فى كنيسة السيدة العذراءالأثرية (المغيثة) بحارة الروم - بالقاهرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق